أدى أصحاب المعالي الوزراء الجدد قسم اليمين أمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله -حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية- يوم الأحد الماضي؛ ويعني هذا بدء انطلاقة هؤلاء الوزراء في أداء مهامهم وممارسة أعمالهم في وزاراتهم الثماني.
ووالله إنه لقسم لو يعلمون عظيم؛ فهو تعهد بحفظ الأمانة وأدائها على الوجه الأكمل بالصدق والأمانة والإخلاص.
إن من الصدق والأمانة والإخلاص التي أقسم عليها الوزراء أن يراعوا الله في كل أعمالهم؛ صغيرها وكبيرها، وأن يرفعوا إلى مقام الملك ما يرون فيه مصلحة للوطن وللمواطن؛ ولكن «بعض» أصحاب المعالي ينتظر أن تأتي المبادرة من صاحب القرار أو يتأخر كثيرا إلى أن يكبر حجم السلبيات ويكون القرار المتأخر قليل الجدوى.
الوزير في وزارته أقرب من أية جهة أخرى إلى معرفة تفاصيل التفاصيل، ولا ينتظر من أية جهة حكومية أخرى أن تلم بأدق تفاصيل أية وزارة كإلمام صاحب المعالي الوزير المسئول عنها؛ ولذلك فإن الأمانة المناطة به تفرض عليه أن يقترح كل ما يمكن أن يعين الناس على التخفف من أعبائهم ومتاعبهم ومراجعاتهم وييسر عليهم أمور حياتهم المعيشية والصحية والتعليمية وغيرها.
لقد تأخر منح فئات كثيرة من أبناء الوطن العزيز العاملين ما يستحقونه من مكافآت وترقيات وضمان صحي وسكن نظير أعمالهم؛ بسبب تباطؤ أو امتناع وتخوف بعض أصحاب المعالي أو تأخرهم في رفع أية مقترحات مفيدة في تلك القضايا إلى المقام السامي بعد دراستها وتمحيصها وصياغة التصور الممكن المفيد القابل للتطبيق؛ ونتيجة لذلك التباطؤ أو التلكؤ عن الرفع للمقام السامي تراكمت مشكلات كثيرة في عدد من الجهات الحكومية وافتقدت الحوافز الدافعة إلى العطاء والتميز وتسربت خبرات كثيرة إلى قطاعات أو شركات ومؤسسات أخرى تعطي وتمنح وتحفز.
والأمثلة لا تعد ولا تحصى؛ ولكن لأضرب على ذلك بسير الأداء البطيء بدون اندفاع ولا حماسة في قطاع حكومي واحد كمثال؛ لعدم وجود التحفيز والمكافأة المجزية وبطء الترقيات وانعدام الضمان الصحي والسكن أو بدلات السكن؛ ما مرت به وما زالت تعاني منه وزارة الإعلام بما يتبعها من هيئات وإدارات -على الرغم من تفتيتها- إلا أن التفتيت والتحويل إلى هيئات لا يزال أقرب أن يكون شكليا أكثر من كونه عمليا، فلم تتغير إلا المسميات وبعض الصلاحيات الممنوحة وتثبيت بدل واحد فحسب.
لقد عانى الموظفون العاملون في الجهاز الإعلامي -ويمكن أن نقيس عليه ما يشبهه في طبيعة العمل- من النقص الفادح في استحقاقاتهم المادية؛ فمن يصدق أن مكافأة البرامج إعدادا وتقديما ما زالت كما هي لم تتغير ولم تتبدل منذ أن وضعت لأول مرة عام 1394هـ؟! من يصدق أن مكافأة التعاون لقراءة نشرة الأخبار لا تتجاوز خمسين ريالا؟ وأن تقديم برنامج أدبي لا يمكن أن يقدمه إلا متمكن لا تتجاوز ستة عشر ريالا؟! ولنقس على هذا التقشف برامج أخرى كثيرة؛ بينما يمكن أن يكسب المنتج التاجر من خارج الوزارة أو الهيئة حين ينعم عليه بعقد إنتاج ما لا يمكن أن يكسبه الإعلامي الرسمي لو اشتغل سني وظيفته كلها إلى أن يتقاعد!
وإلى ذلك يفتقد الموظف الإعلامي أي تأمين صحي أو سكن أو بدل سكن؛ بينما تتعامل شركات كثيرة كالاتصالات أو الكهرباء أو سابك أو أرامكو وغيرها مع موظفيها بمنحهم حقوقهم كاملة.
ولنتساءل عن طبيعة تلك المشاعر النفسية التي يضطرب بها وجدان الإعلامي وهو يدفع مبالغ باهظة من قوت أبنائه لعلاج نفسه أو عائلته للمستشفيات الخاصة؛ بينما يقف بجانبه من يبرز بطاقة التأمين فحسب؛ لأنه ينتسب إلى إحدى الشركات أو المؤسسات؟!
الوزارة ليست تكية مريحة تمر عليكم فيها عقود كسالف الأوان؛ أشهر قليلة ويتكشف فيها النجاح أو الفشل!
ستلهج الألسن بعاطر بالثناء على كل من يعمل بصدق وأمانة وإخلاص، وسُينسى «المتثائب» في اليوم الذي يغادر فيه وزارته!