Al Jazirah NewsPaper Friday  15/12/2006G Issue 12496مقـالاتالجمعة 24 ذو القعدة 1427 هـ  15 ديسمبر2006 م   العدد  12496
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

نوازع
أضواء على العصر الأندلسي
د. محمد بن عبدالرحمن البشر

كان المجتمع الأندلسي خليطاً من الأعراق والأديان والفلسفات، كما كان دوحة زهت بالفقه والأدب والفلسفة والشعر والنثر، والصراع والاستقرار، والحكم الرشيد وغير الرشيد والتعاون والتآمر، والتسامح والتعصب.

هو ذلك المزيج من كل ما ذكر ومن ذلك المزيج الرائع شع كثير من الضوء الذي اقتبس جله من الشرق ليتغذى به الغرب القريب منه، ومنه كانت بداية النهضة الأوروبية التي سادت وما زالت على عالمنا المعاصر.

لقد أومأ إلى ما شاب ذلك العصر من تسامح الدكتور عباس الجراري في إحدى مقالاته الرائعة غير أن التسامح وحده لم يكن هو المهيمن على ثقافة وسلوك أبناء تلك الجزيرة الإسلامية الإبيرية، فكانت هناك تناقضات ذات طابع أيديولوجي أخرى ذات منعطف عرقي، وغيرها ذات مطمع مادي فحسب، وإن كان الغالب أن المطمع غالباً ما يرافق كل ما عداه، من قول ظاهر.

لقد تم فتح الأندلس من قبل المسلمين عرباً وبربراً بل وبمساعدة من بعض المسيحيين الذين كانوا على الضفة الأخرى من البحر، وتعايشت القبائل العربية والبربرية الوافدة على أرض الأندلس، وذات الأعراق المتباينة فيما بينها وفيما بينها وبين الآخر. وتوسع ذلك التسامح مع التزاوج الذي تم بين سكان الأندلس الأصليين ونظرائهم من الوافدين عرباً وبربراً، وبعد برهة من الزمن تحركت المطامح لتحرك النعرات الثقافية بداية ثم العرقية ولاسيما بعد إضافة عرق جديد يتكون من أبناء الأندلس الأصليين الذين أسلموا أو أولئك التي بعثوا على معتقداتهم، ومع العرق المزيج بين العرب والبربر وأبناء الأندلس الأصليين الذي تكون بعد أجيال من التزاوج المختلط.

لقد كان التباين العقدي والمذهبي ظاهراً مما دعا ابن حزم أن يؤلف كتاباً أسماه (الفصل في الملل والأهواء والنحل) وكتابه الذي أسماه (المحلي) والذي أورد فيه آراء فقهية سائدة ثم رأيه الظاهري فيها. لقد جلب الأمويون معهم مذهب الأوزاعي فساد، وما لبث المذهب المالكي أن أزاح مذهب الأوزاعي ليستمر من الدهر ما شاء الله، غير أن الساحة المذهبية لم تخل من روافد مثل الظاهرية والمعتزلة والصوفية والمذاهب الفلسفية الأخرى. ولم تنشأ حروب كثيرة بين السكان الأندلسيين لأسباب مذهبية لكن قد يكون الفساد في السلوك ومظاهر البزخ واللهو إيذاناً بدخول جحافل المرابطين. مع أن الأمر لم يخل من التراشق لأسباب مذهبية.

أما الأعراق والنعرات فكانت ضوء نار أزكتها أعواد الأعراق، وكانت الحرب أولها الكلام. وقد كان التهيؤ لذلك يظهر في النثر وفي الشعر، حتى وإن كان على شكل نقد مباشر، كانت الساحة تسمح بظهوره بين الفينة والأخرى، فها هو أبو حفص الزكرمي قد أغضبه رسول أحد الولاة عندما طالبه بمبلغ مستحق عليه، وقد كان يهودياً:

كنا نطالب لليهود بجزية
وأرى اليهود بجزية طالبونا
ما إن سمعنا مالكا أفتى بذا
لالا ولا من بعده سحنونا
هذا ولو أن الأئمة كلهم
حاشاهم بالمكس قد أمرونا
ولقد رجونا أن ننال بمدحكم
رفدا يكون على الزمان معينا
فالآن نقنع بالسلامة منكم
لا تأخذوا منا ولا تعطونا

والشعر في مثل هذه الأغراض كثير، ومتفاوت في قوة معناه، كما أنه يتباين في اللفظ من الإيحاءات المبطنة إلى الصريح الفاحش:

وها هو العبلي يهجو العرب بعد أن هزموه:

قد انقصفت قناتهمو وذلوا
وزُعزع ركن عزهم الأول
فما طلت دماؤهم لديهم
وها هم عندنا في البير طل

لكن سعيد بن جودي لم يترك لهذا المنقول مجالاً فرد عليه منوهاً بسوار زعيم عرب البير فقال:

لسوار على الأعداء سيف
أباد ذوي العداوة فاضمحلوا
سقاهم كأس حتف بعد حتف
بها نهل العبيد معاً وعلوا
ورثنا العز عن آباء صدق
وإرثهم - بين العبدان- ذل
لقد سفكت دماؤهم وطلت
وليس لنا دم يوماً يطل

ولم يقف التنافر والتعافر عند هذا الحد بل كان ذلك موجوداً بين العرب أنفسهم.

وفي زمن الطوائف كان اللهو هو السائد فكان التدخل السريع من يوسف بن تاشفين البربري المسلم الذي قاد حملته فوحد البلاد، غير أن الجيل الذي تلاه لم يكن له مماهياً. فسقطت الأندلس، وخرج أبناء المسلمين جميعاً عرباً وبربراً ومولدين، وسيظل هذا الناموس سائداً، ما عاشت الخليقة. وسيظل التوحد والتآلف وترك النعرات والفتن مع الإصلاح أسلم طريق لديمومة الخير والعيش الكريم.




نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved