يطل الشاعر سامي القريني محملاً بوهج الفكرة الأولى عن الشعر.. تلك التي ترسم ملامح استشراف مرحلة المخاض العصيب للقصيدة الوليدة، حينما يكون الشاعر مفوهاً بخطاب تأصيلي قولي، إلا أنه لا يملك من الفعل ما قد يخرجه إلى الوجد الواقعي.. تماماً كسيرة المتنبي حينما عاند فيها خصومه أعوان سيف الدولة الحمداني.
فالشعر على لسان القريني جاء مذيعاً لمفاتن المفردة الشعرية القوية في ديوانه الجديد (كأني أرى شيئاً)
...>>>...
على كرسي الحلاق أهمل جسده مسترخياً مستسلماً، في المرآة التي أمامه، اختلس نظرة على زبون خلفه وأخرى على وجه الحلاق.
على باب الحلاق كانت ستارة من خرز لمنع تطفل الذباب المتوالد بكثرة، تسللت إحداها فأخذت تذرع فضاء الصالون، وعندما تقع على أنفه يحرك رأسه بينما تختبئ يداه تحت الكيس البلاستيكي. التفت إليه الحلاق بعد أن رتب المكان أمامه:
- شعر أو ذقن؟
- أحدهما أو كلاهما على ألا تزيد عن عشرة ريالات.
...>>>...
ذات آذار مثقل بأنفاس الربيع، كان هناك بنفسجة بيضاء حزينة - ملَّت قيد التراب بعد أن لفظتها عناصر التراب أغنية حب تراقص شغاف الأثير - حانية كأسها، تجوب بعينيها أرجاء المكان، حتى ارتطم بصرها بأسوار الحديقة، فشخصت نحو السماء مناجية سريرة الخفاء: امنحيني جسد حمامة يلبس روحي السامية إلى العلاء، دعيني استنشق سكينة الفراغ.
حلّقت الحمامة البيضاء عالياً إلى عمق السماء تاركة جذورها تنحدر متشعبة في باطن
...>>>...