حاتم بن أحمد الجديبا
رقص الزمان وصفقت أكوان
وتفاءل الزيتون والرمانُ
وتبسم الكهف الأصيل وزغردت
نبضاته.. وتزين الهتّانُ
وكأن (مكة) والجبال تعانقا
والوحي من أجفانهم فيضانُ
ومشى الربيع على وجوه حجارها
مستمتعاً.. في طبعه تحنانُ
حتى النجوم تناثرت كقصيدة
من لحنها تُستنسخُ الأوزانُ
وتصدّع الإيوان ثم تخلخلت
أركانه.. وتكدَّر الطغيانُ
وتصافح النهران ثمَّ ترحلا
نحو الحجاز يقودهم مرجانُ
أما النخيل فحرّكت أعناقها
كالبرجِ نادت: أين يا جيرانُ؟
فسخت عناقيدَ الحرام لأنها
سَمُنتْ بماءٍ طعمه أوثانُ
ثم ارتقت فوق الرياح وسافرت
خلف الهدايةِ.. والطريقُ أمانُ
الجنُّ تردعهم نيازكُ غضبةٍ
قدسيَّةٍ.. فأصابهم دورانُ
كسدت بضاعتُهم فطار أنينُهم
في الأفق حتى استغرب الكهانُ
مهلاً! هل اقترب الرحيلُ لأرضنا؟
ماذا جرى؟ هل أسلم الشيطانُ؟!
يا أحمدَ الخيرات: جئتك شاعراً
والعشقُ والأشعارُ لي عنوانُ
يا من ملأت صدورنا بشريعةٍ
فالخير بين ضلوعها قبطانُ
النورُ من عينيك يحتضنُ التقى
ويفوحُ من أخلاقك القرآنُ
الطهرُ من جنبيك يحكي رحمةً
والمسك ينبضُ مثلما الشرِّيانُ
أعطيتَ جامعةَ الكلامِ وعرشها
سجت إليها حكمةٌ وبيانُ
وخرجتَ من أعماق أرضك راضياً
إن (المدينة) لؤلؤٌ وجمانُ
صيَّرتَ من تلك البلاد خصوبة
ينمو على حَرَّاتها الريحانُ
يا أحمدَ البركاتِ: صرنا ملعباً
يَتَنَزَهُ الباغي به ويصانُ
الأمةُ الغرَّاءُ مثل مهرجٍ
والدينُ يجلدُ ظهره عصيانُ
هذا قصيدي والقصيدُ شفاعةٌ
والله يرزقني ولا حسبانُ
صلى عليك اللهُ أنت خليله
والفرقُ بين عباده الإيمانُ