عندما أدخلوه إلى مائدة السلطان بدأ طفلاً مختلفاً، ولعله نفسه كان سيعجب كثيراً لو أن هنالك مرايا في غرفة الطعام يرى من خلالها شكله الجديد بثيابه المزركشة والمطرزة بالحرير وذلك الحذاء القطني الذي يشعره بأنه يطير ولا يمشي..
بدت المائدة كبيرة جداً وممتلئة بأطعمة غريبة وعجيبة لم يرها في حياته البائسة والشقية، فيما يجلس السلطان في أحد جوانبها وجارية حسناء منشغلة بتدليك أكتافه ورقبته..
لا بد أن الموت في طريقه لأحدهما، يخيل لها أن آلام الطلق وحش يلف أصابعه حولها ليعتصرها بسعادة، تبدأ بالرفص توهما منها أنها توجه لكمات لشبح الموت، الدم الجاري يعلن أن نهاية أشهرها التسعة باتت وشيكة. تمسك كومة من القش الذي يملأ العشة المهجورة وتحشوها بفهمها وتبدأ بصراخ لا يوقظ أحدا في بهيم الليالي الآثمة. ذلك العالق في أحشائها يأبى الخروج، يتعلق بعروقها كأنه علم أن باطن رحمها خير من ظاهر أرضها.
...>>>...
رواية (بكاء الرجال) للطيفة الزهير تشير في الذات حب افضول، إذ يدخل القارئ مباشرة إلى عوالمها من خلال حادث مروري أليم لرجل وامرأة يخلفان شاباً يافعاً، وطفلة صغيرة، وعليه - أي القارئ - أن يستقصي احتمالات الحزن الذي قد يُبكي الرجال والنساء إلا أن الذهنية الواقعية قد تتجاوز آلام الصدمة الاولى لتحاول الولوج إلى مضامين الفقد المحتملة لقصة كهذه حيث تنغرز الاسئلة في
...>>>...
... أما الجدار، فقد كان أكبر بنيان حجري في حارتنا يومها، لا نلعب إلا عند الجدار... كل الشجارات تبدأ وتنتهي عنده.. من هناك تنبع خصوماتنا وعنده نتصالح.. تجد الأمهات والآباء أطفالهم التائهين عند الجدار وأركانه.
كانوا يقولون لنا بأن الجدار وجد من ذات نفسه، وربما قالوا بأن الجدار كان قبل الحارة، يزعم بعضهم ويحلف بأغلظ الأيمان ويضرب الجدار بقبضته: بأن الجدار بناه البرتغاليون أيام
...>>>...