عندما أعود لبلدي. سيجعل الشوق من عيني مسرحاً للحزن المؤلم والقاتل لنفسي، لن أرتاح كثيراً لأنني سأفقد رونق روحي التي تركتها هنا.. بين يديك أمانة!
قال عبارته وهو يحضن بين جفنيه أمواجاً من الشوق المغادر لعينيها المتعبة فلا يسمع بعدها سوى حواراً وحديثاً رقيقاً مع خيال حبيبته، لقد كان وداعاً قاسياً جداً عليها، كانت الدموع لغة الموقف، لم تستثن تلك الرجفة وهي تمسك بعنان الهوى حين حضنها مغادراً بها حدود
...>>>...
بين كل لحظة موت وأخرى، هناك لحظة ميلاد، هناك لحظة حياة فاصلة بينهما، وللموت رائحة أصعب من أن يدركها أي إنسان، ويحدث للموت أن يأخذ شكل الحياة، الموت جاء وأسدل ستائره على تلك المدينة القصية في أطراف البلاد، الموت جاء مع الجوع والحصار، ومع النيران الملتهبة المتساقطة من السماء، أو تلك التي أمطرتها السماء ذات مساء غائم بالنار. قبل أن يهجع السكان الطيبون إلى مراقدهم، لا يملكون سوى إيمانهم وصفاء أرواحهم
...>>>...
بخطى متثاقلة، اتجه العم (أبو صالح) إلى دكانه الصغير في حارة شعبية بقلب الرياض، كانت الشمس قد فاقت لتوها من نومها العميق... والعصافير الصغيرة قد بدأت تستعد لرحلتها اليومية.
أبو صالح.. شيخ مسن، يعرفه كل أهل تلك الحارة، جميعهم يحبونه ويقدرونه.. صغيرهم وكبيرهم..
(الغبار) هو سيد الموقف في الدكان، رغم أنه يحوي حاجيات ضرورية من أغذية ومشروبات وأخرى (لزوم السوق) كما يقول.. يبدو متعباً اليوم.. وعيناه
...>>>...
دار الهواء حول نفسه دورتين .. ثلاثاً .. أربعاً، فاستيقظ التراب الراكد منذ زمن. وبدأ يلاحق موجات الهواء الصغيرة التي تدور حول نفسها، اتسعت الدائرة، فارتفع التراب عموداً أحمر. أخذ مكاناً واسعاً في الفضاء الفسيح على حدود المدينة، مدفوعاً بريح أكثر يأساً .. صارمة .. بدأت تلوب كأنّها امرأة تبحث عن حبٍّ مفقود.
الهواء يصارع نفسه في أعماق المدينة .. يهب عليها من كلِّ الجهات كأنّه يريد
...>>>...