رقية الهويريني
لم أستغرب قط ما فعله الإرهابي الصغير بتفجيره مسجد الصادق أثناء صلاة الجمعة في دولة الكويت الشقيقة! فالشحن النفسي الذي يتلقّاه هذا الجيل حول كراهية الشيعة وتكفيرهم كفيل بقتلهم والسعي لإبادتهم. وإن استمر الخطاب الديني ذاته في نفس وتيرته فنحن على شفا تفجيرات في كل مكان!
تحدثت كغيري حول سطوة الخطاب الديني المتطرف في المساجد والمدارس، وحتى في المنتديات الاجتماعية والاقتصادية وقنوات التواصل الاجتماعي، وكذلك في الاستراحات والاجتماعات الأسرية العادية فيما يتعلق بمسائل التكفير والإقصاء للآخرين سواء الشيعة أو ممن يختلفون في الرأي أو المظهر والشكل من السنّة. فهذا حليق اللحية والشارب مسبل ثيابه، فهو ليبرالي فاسق كافر، والمصيبة حين يطلق على الليبرالي بأنه ديوث (هكذا) يسمح لزوجته بالسباحة مع الرجال بمسبح واحد! وللأمانة هذه تغريدة أطلقها أحد الوعاظ وتم تداولها بين الناس! وهو ما لم يحدث على أرض الواقع! وكذلك مقولة بعض الوعاظ (تلك لا تقبل صلاتها لأنها سافرة غير محجبة)! ويأتي أحدهم يكتب عن جامعة نورة بأنها تشجع على الفسوق لأنها سمحت بمارثون للجري بين أسوارها! حتى وصل أحدهم أن يؤكد كراهة دخول البنات هذه الجامعة والتحريض عليها!
أما عن تكفير الشيعة فقد سمعته عبر خطبة الجمعة وأنا في منزلي حيث يصرخ الخطيب ويعدد تجاوزاتهم الشرعية! وتضم المدارس معلمين ومعلمات يسعون ببث الكراهية لمخالفيهم ويشرّبونها طلبتهم وطالباتهن! وهكذا تفعل بعض القنوات الفضائية، فماذا نتوقع نتائج الشحن طالما كانت المعطيات بهذه الصورة الموغلة في الظلام؟!
وتشترك التربية الأسرية مع خطاب الكراهية المجتمعي فيما حدث، وإلا فما تفسير قيام شاب لم يتعد عمره اثنين وعشرين عاماً بالسفر لخارج المملكة والسعي في خراب الأرض وقتل الأبرياء؟ إن هذا بلا شك إفراز أسرة مهملة في تربيتها، ومجتمع فوضوي، وقانون غائب لم يجرم الطائفية والمذهبية ويضع حداً للحديث حولها.
والمؤسف هو خطأ بعض الآباء حينما يشددون الرقابة على البنات لأنهن بزعمهم مجلبة للعار ويتركون الذكور! وأي عار أكبر مما قام به هذا الإرهابي الصغير؟! وأي إهمال أشد من التخطيط والتنفيذ لقتل الأبرياء! وأي فوضى حينما يتزوج هذا الشاب الإرهابي ويطلق زوجته وهو بهذه السن!
الحق أن المسؤول الأول هي أسرته مهما برر والده! وينبغي محاسبة المسؤول لأنه أهمل ولم يراقب ويتابع! وعلينا الاعتراف بأنّ الأسرة - أي أسرة - شريك في الجريمة والفشل، كما هي شريك في الأمن والنجاح!