رقية الهويريني
رغم أنه ينبغي النأي بالسياسة عن اللعب، فجدها جد وليست مجالاً للعب، إلا أن عنوان المقال هو تساؤل موجه لأحد الوعاظ الذي أشار بأن قواعد اللعبة قد تغيرت! حيث رفع حظر السفر عن بعض الوعاظ، مما جعله يتوقع تغير سياسة الحكومة وتعاطيها مع بعض الأفكار.
والحقيقة أن الاستراتيجية السياسية للمملكة لم تتغير منذ تأسيس الملك عبد العزيز وتوحيده للبلاد. وإن كان يطرأ عليها بعض الإجراءات السياسية تجاه المستجدات من الأمور التي تتطلبها مرحلة عن أخرى.
والناظر لقواعد الحكم يدرك أنها هي ذاتها التي أقرها الملك عبد العزيز، ولكن التغير في الجزئيات. ولعل الواعظ يقصد أسلوب التعامل مع بعض الظروف السياسية الطارئة، مثل التقارب مع الشرق على حساب الغرب أو العكس بما يخدم المصلحة فقط، وكذلك موقف المملكة مع بعض الحكومات أو قليل من الجماعات كجماعة الإخوان المسلمين.
وباستعراض المواقف السياسية في عهد الملوك الذين تولوا الحكم بعد المؤسس نجد أن الملك فيصل رحمه الله احتوى الإخوان بعد خلافهم مع عبد الناصر وقربهم لأنه كان متحمساً لتوحيد العالم الإسلامي، وكانت نفس الفكرة تتبناها جماعة الإخوان المسلمين، لذا توطدت العلاقة بينهما حتى وصلت لمشاركتهم في تشكيل لجان لتغيير النظام التعليمي للمملكة وفقاً لمقتضيات العصر، وعمل معظمهم مدرسين في المدارس والكليات والجامعات. وتم آنذاك تحويل الجامعات والكليات إلى مراكز للأنشطة الدعوية.
وفي عهد الملك فهد توترت العلاقة بين الحكومة والإخوان أثناء حرب الخليج الثانية بسبب موقفهم من مشاركة قوات غير مسلمة في قتال العراق! واستمر برود العلاقة حتى تحولت الجماعة لتنظيم عنيف يتبنى التحريض والتفجير والقتل والسحل، مما جعل حكومة خادم الحرمين الملك عبد الله تتخذ موقفاً حاسماً حيث أصدرت وزارة الداخلية في عام 2014م بياناً يجرّم جماعة الإخوان المسلمين وتنظيمات أخرى في المملكة وخارجها، وإدانة كل من ينضم إليها أو يمولها أو يؤيدها أو يتواصل معها أو يُبدي التعاطف معها أو يستخدم رموزها في مواقع التواصل الاجتماعي. ولازال الوضع سارياً مع هذه الجماعة وغيرها ممن تتبنى العنف، ولازال الموقف الملكي حازماً مع أي شخص يحرّض على الخروج لمواقع القتال أو يغرر بالشباب أو يفتح باب التبرعات غير الرسمية أو يجمع الناس بمخيمات ويلقي عليهم خطباً متطرفة يخببهم على الحكومة أو يدعوهم لمخالفة سياستها، ومن جرب العبث سابقاً فهم الدرس حالياً ووعى الرسالة.
فمن هو الذي تغيرت لعبته؟!