أحمد محمد الطويان
امتداداً لقائمة الجرائم الداعشية وصل الألم إلى الكويت الغالية، بعد أن فتح الداعشيون جروحاً في الدالوة والقديح والدمام، هدفهم خلق فوضى وطنية، ليضرب المواطن أخيه المواطن باسم المذهب، وليحطم المواطن مواطنته من أجل الطائفة، ولتسيل الدماء، وتتداعى الدول وتشرق «الخرافة» التي يسمونها زوراً خلافة.. ولكن المسألة ليست بهذه السهولة.
من لديه شيء من عقل، أو ذرة من فهم، سيعرف المقصد الداعشي، والتطرف هنا ليس وحده الدافع، وليس فقط المحرك، ولكنه ربما الأداة التي حركت شباباً في ريعان العمر ليلبسوا الأحزمة الناسفة، ويدخلون مكبرين مفجرين لبيوت يذكر فيها اسم الله.. يجب أن نعرف المحرك السياسي ليبطل العجب، ولننهي النقاش بشأن تنظيم «داعش»، نريد أن نعرف هذه الجماعة جيداً، ونعرف أيضاً أين القاعدة؟
لماذا أصبحت القاعدة حمامة سلام مقارنة بداعش، ولماذا سيكون تنظيم «خراسان» على سبيل المثال أكثر دموية من داعش كما يحلل المتعمقون في الجماعات المتطرفة!
هل ولدت هذه الجماعات ولادة طبيعية، بعد أن حملها التجييش والتأليب والفهم المتطرف للإسلام طوال السنين الماضية، يجب أن نسأل أنفسنا عن البيئة التي نما فيها الخطاب المتطرف السني والشيعي، يجب أن نراجع المناخ وتقلباته المرتبطة بالسياسة والثقافة والممارسة الدينية، لا يمكننا أن نكتفي بالشجب والاستنكار، ولا يجب أن تسود بيننا ثقافة الخوف الريبة، ولا يجب أيضاً أن نكتفي بالردع الأمني، آن الأوان لحملة ردع فكرية، تعيدنا إلى انسانيتنا التي يتلاعب بها المتطرفين والمفجرين والمبررين في السر والعلن.
نعم وقفت السعودية بالتحديد في وجه الإرهاب ونجحت، بل أبهرت العالم بجديتها، ولكن العالم المنبهر لم يضع يده بيد السعودية بشكل جاد، ونحن نعرف أن ملفات كثيرة يمكن أن تحسم الأمر لو تعاملت معها الدول المعنية بجدية، السعودية حذرت من تنظيم «داعش» وكانت الأكثر جدية في محاربته ولكن هناك من لا يريد الفهم، أو لا يريد المواجهة، أو لا يهمه إيجاد الحلول، وهنا يجب أن نربط تنظيم داعش بالعربدة الإيرانية، وهي لعبة استخبارية لا علاقة مباشرة لها بالمؤامرة، ولكن ثمة ارتباط مصلحي يجعل توجيه الضربات الداعشية مدروس وممنهج، ويهدف لخلق بلبلة إعلامية.
هذا التنظيم الدموي ما زال في بدايات التكون والانتشار، وإذا لم يتم إيقافه عند حده بأسرع وقت ممكن سيشعل المنطقة أكثر، ولا يمكننا إبداً فصله عن ظروف تكونه ونموه في العراق وسوريا، والحلول يجب أن تكون حازمة وموجعة، فالإرهاب الذي نواجهه اليوم، ليس إرهاباً موجهاً للغرب كما كان يزعم تنظيم القاعدة الإرهابي، هو إرهاب موجه ضدنا، وهذا يعني بأن استراتيجيات المتطرفين تحولت أو لنقل تبدلت الأولويات، ويحب أن نبحث عن المستفيد لنتعرف على المحرك والموجه، علينا أن ندرس التنظيم من كل الجوانب، ونتحرك بفاعلية دون تخاذل للقضاء على التهديد الذي نعيشه.
السعودية لديها خبرة كافية لمواجهة التطرف الديني، والتنظيمات المسلحة، واستطاعت بهدوء أن تحقق إنجازات تفوق كل ما قام به الغرب في مجال مكافحة الارهاب، وعلى الجميع أن ينصتوا جيداً للسعودية في هذا الظرف الدقيق الذي تمر فيه المنطقة، وعلى المجتمعات أن تعي جيداً أن استهداف الأوطان لا علاقة له بالدين، التطرف مجرد أداة ولكنها أداة فاعلة بيد ماكر يدير حرباً ضروس وهو متخفي بثياب الديبلوماسية الوديعة، ذلك الماكر الذي أصبح دولة ويتعامل مع ملفاته الإقليمية بمنطق العصابة.
حمى الله الخليج العربي من كل مكروه، والحزم مستمر والعزم لا بد أن يبقى.....