أحمد محمد الطويان
ما أجمل الفن عندما ينطق بما في دواخلنا، يعبر عنا، يصرخ بأصواتنا، صرخة «سيلفي» كانت مدوية، صرخة تحمل الحياة بكل تفاصيلها أمام الدمار بكل آلامه، بعيداً عن الشعارات، لا يوجد طريق يصل إلى القلوب والعقول مثل الفن، والإعلام الذكي، «داعش» المختلقة لا شيء يقلقها مثل الوعي، والوعي لا ينمو بالخطاب المباشر، ينمو الوعي بمنظومة لا يمكن عزل أي عنصر منها عن الآخر، الوعي يأتي من خطيب الجمعة إمام المسجد، معلم المدرسة، الأب والأم، الصحافة والإعلام بكل فنونه، ونجوم الفن بكل مجالاته.
من يحارب مسلسل «سيلفي» يحارب الوعي الذي يكشف المنطقة المظلمة التي ينمو فيها «داعش» وأشباهه.
من يكفّر ليس جاهلاً يعذر لجهله، بل إرهابي يعاقب ويشهّر به ولا يُغفر ذنبه عند أهل الأرض، التكفير هو آخر مرحلة يصل إليها المنغمس في التطرف قبل أن يحمل السلاح ويقتل، ومن يتهم سيلفي على سبيل المثال بالاستهزاء بالدين يجهل الكثير، سيلفي في الحقيقة قام بواجبه الاجتماعي في تعرية سلوكيات من يتلبسون بلباس الدين والدين منهم براء، والواعظ الحقيقي يجب أن يصفق لهم، ويجب أن يعرفوا حق المعرفة أن دين الله لا يتجرأ كائن من كان أن يتعرض له في ظل دولة تحكّم شرع الله.
نزع القدسية عن الأدعياء والمزعومين واجب ديني وأخلاقي، لتنقية الدعوة الإسلامية من المنحازين لمصالحهم وانتماءاتهم الضيقة، ولم يلتفتوا لحقيقة الدعوة المحمدية الطاهرة، وهنا يأتي دور أدوات تنمية الوعي، التي يجب أن ندعمها بكل قوة وثقة، نحن بحاجة إلى الداعية المعتدل والمعلم المتزن والأبوين اللذين يحيطان أبنائهما بالرعاية الفكرية والمناخ الايجابي، وإلى الفن الهادف البعيد عن التهريج والإسفاف.
الحلقتان اللتان تناولتا «داعش» في مسلسل سيلفي، كانتا درساً من الواقع أدى فيهما الفنان القدير ناصر القصبي دوراً رائعاً، وأوصل بأدائه رسالة بليغة، افتقدنا لصوت يوقظنا من الغفلة، ويعين الدولة ودعاتها الأخيار في الحرب على الارهاب، أما أصحاب الأصوات المتطرفة ممن يتألمون وتجرحهم الحقائق فلا وقت يستحق لمتابعة طرحهم المهزوز والمأزوم.
ديننا العظيم يحمل رسالة سلام للبشرية، ونحن في بلد لا يقبل بالتطرف، ولا تنطلي عليه ألاعيب المرجفين، ومن يريد تسييد واقعاً مختلفاً عليه أن يعي بأن الدين في هذا البلد ليس لعبة سياسية، وأن السياسة في هذا البلد ثابتة في مرتكزاتها، وتتطور وتنمو وتتحرك برشاقة لكسب المصالح وحماية المكتسبات، ومن أراد الصيد في الماء العكر، عليه البحث عن ماء عكر بعيداً عنا، فمياهنا نقية تماماً كما هي قلوب قيادة هذا البلد وعلمائه وشعبه.
تحية لأصحاب الصرخة الوطنية في مسلسل «سيلفي»
تحية للمتألق ناصر القصبي ورفاقه... التحية هنا لدور يحتاج إلى تشجيع ومؤازرة.