أحمد محمد الطويان
الدولة تجمع كل المواطنين بدون تفريق أو تفضيل، ومنطق الدولة يختلف تماماً عن منطق الثورة كما هو حاصل في الجارة «إيران» على سبيل المثال، الأولوية هناك للفارسي والسيادة فارسية، والآخرون مضطهدون باسم «الثورة» والمصلحة العليا التي يقررها وليهم الفقيه المزعوم.
وعندما نتحدث عن «الدولة» فإن لا صوت يعلو على صوتها خصوصاً في حفظ الأمن وحماية الأرواح والممتلكات، وإشعار الجميع بالاستقرار
والسلام الوطني، هذا واجب الدولة التي لا ينافسها فيه كائن من كان. بعيداً عن الخطاب العاطفي الذي كان من مؤديات التجييش التي أنتجت أفراداً يسهل تجنيدهم وتفخيخهم واستعمالهم من قبل العصابات المشبوهة، وهو ذات الخطاب العاطفي الذي يؤلب ويصنع بطولات وهمية ويزيد في البكائيات والنواح لخلق حالة معارضة، وللحصول على حصانة من نوع ما، التطرف العاطفي ممنوع وغير مقبول لأنه يشغل المجتمع كل المجتمع عن مواجهة العدو الحقيقي.
عدونا الحقيقي الأول هو تقسيمنا وتصنيفنا كمواطنين، ونحن من صنفنا أنفسنا، وهذا خطأ جسيم، وجاء هذا بفعل مؤامرة نشر الطائفية التي تتبناها «إيران» لتكسب شرعية الوجود والمجابهة، عدونا الثاني المؤامرات الاستخبارية، وفي المقال السابق أشرت إلى الدور الإيراني في دعم التطرف، والتطرف هنا تطرفان كلاهما يريد اختراق الجسد السعودي، لا ينجح العدو الثاني في بناء خطته إلا بعد نجاح العدو الأول ونحن الضحية.
ابتعدوا عن دائرة الحزن واللطم والعويل والبكائيات الطويلة، واختلاق الحكايات والقصص، وفكروا بالوطن، ولا شيء آخر سوى الوطن، فالشهداء الكرام اغتالتهم أيدي عابثة تدار من الخارج، تذكروا هذا جيداً، الدماء عند الدولة (التي لا صوت يعلو على صوتها) متساوية في قيمتها العالية، لا تفضيل بين المواطنين على اساس المذهب أو العرق أو الانتماء القبلي أو المناطقي، هذه ليست شعارات، والحكومة ليست محتاجة لإطلاق الشعارات وممارسة النفاق، بإمكانها أن تصمت، أو تتجاهل أو تهتم بمستوى أقل، لكنها بكل صدق لا تفرق بين مواطنيها، ويؤلمها الجرح أياً كان موقعه الجغرافي.
تأكيد المؤكد لا داعي له، ومحاولات الاصطياد بالماء العكر يجب أن تتوقف، والخدعة لا تنطلي إلا على الجاهل والمغيب والمصاب بلوثة، أما المواطن النقي من شوائب «الأفكار المهربة» فلا خوف عليه ولا خوف منه، واستعرت مصطلح «الأفكار المهربة» من ورقة علمية رائعة قدمها الباحث السعودي المميز في الاتصال محمد الخضيري في ندوة علمية عن الارهاب والخطاب الاعلامي أقيمت قبل يومين في القصيم، لأننا نواجه أفكاراً مهربة تريد ضرب الوطنية في داخلنا لصالح الانتماء الضيق للمذهب أو المنطقة، نحن في حرب لم ندرك بعد كمجتمع أننا في وسط ضجيجها ونيرانها ودمائها، فلا وقت أبداً للعاطفة، التي ربما يسيسها البعض، ومن ثم يعسكرها ويضربنا بها مرة أخرى لا سمح الله.
كتبت الأسبوع الماضي عن «المستفيد» وكان الجرح في «القديح» واليوم أكتب عن «المستفاد» والجرح في «الدمام»، عرفنا المستفيد وهي إيران بإستخباراتها ذات التاريخ الأسود، والمستفاد أننا في مواجهة مع أنفسنا لنتقوى ونقوم بواجبنا الوطني، ولنواجه عدوا ماكرا يبحث عن مكسب سياسي تألم من «حزمنا» وأراد واهماً أن يذيقنا الألم، ولكنه لم يعرفنا جيداً ولم يدرك بعد أننا نستطيع القيام بأكثر مما يتوقع.
لنتذكر ما قامت به إيران للاخلال بأمننا منذ مايو 1978 وحتى مايو 2015 ونتفكر لنعرف حجم الحقد، والرغبة في هز استقرار هذا البلد، وهنا اتحدث عن الأعمال المسلحة، وأيضاً الأعمال الفكرية والرقمية والإعلامية،، لنحسب الأمور بحساب العقل، ولنعرف عدونا جيداً،ولا ننجر إلى ما تريده المخابرات المعادية بألاعيبها المختبئة خلف ديبلوماسية كاذبة، ومن أراد العلاقات الطيبة معنا يجب أن يحترمنا كدولة شعبها واحد، وأمنها الوطني لا يتجزأ.
يهرّبون الأفكار إلى عقولنا بلا حراسة، ونحن بعاطفتنا ننساق وننجر، ولا يفكر المتحمسون بالعواقب، وينتج عن ذلك الكثير من الألم، يجب أن نصحو ونتنبه ولا نبتعد جميعاً عن واجبنا الوطن، فلا حياد عندما يتعلق الأمر بالوطن وأمنه.
الدولة ستبقى دولة هذا ما أكده ولي العهد لمواطن في سرادق عزاء في «القديح» ولأنها دولة ولأنه مواطن فهو في رعايتها وحمايتها، ولا سماح بأي شكل من الأشكال للتأليب والترهيب والتكفير والعبث بالمواطَنة وقيمها، من سيقول فلان شيعي أو فلان سني يخون مواطَنته.