يوسف المحيميد
ما الذي يحدث بربكم؟
أي عبث؟ وأي جنون هذا الذي يعصف بنا؟ بأي حق ومنطق ودين يقتل المسلمون المسلمين؟ حتى وهم آمنون في دور العبادة والطمأنينة؟ ما معنى أن تجد في مواقع التواصل صورة لرجل عجوز في مشهدين، الأول وهو متكئ على جدار المسجد، ممدداً قدميه، يستغفر ربه، وينتظر إقامة الصلاة؟ والثاني للرجل العجوز ذاته وقد تدلى رأسه شهيداً، مستقبلاً ربه سبحانه، دونما ذنب اقترفه إلا أنه عاش زمناً متطرفاً يأكل الإرهاب فيه أبناءه؟
في الكويت، الدولة الآمنة المطمئنة، الدولة الجارة، يتسلل أحدهم مثل شيطان، داخلاً مسجد الإمام الصادق، وبينما المسلمون يسجدون في صلاتهم، يقف بينهم وينزع فتيل حزامه الناسف، ليقتل العشرات، ويصيب المئات في حادث مؤلم وبشع، وتعيش الكويت يوم جمعة حزينة ودامية، وتشاركها الدول المحيطة والصديقة الحزن والعزاء!
في اليوم ذاته، كان أحدهم يقتل العشرات في فندق مطل على الشاطئ بمدينة سوسة التونسية، تلك المدينة البحرية السياحية الجميلة الآمنة، ويضرب السياحة التونسية في مقتل، ويعبث بأوراق الاقتصاد التونسي، فهذه البلاد التي كانت فاتحة الثورات العربية، هذه البلاد الأكثر مدنية بين الدول العربية، يأتيها التطرف والإرهاب من حيث لا تعلم، فأي منطق وعقل فيما يحدث في عالمنا العربي الحزين؟
ما الذي يجعل المسلم، وفي دولة مسلمة، يقتل العشرات من المعاهدين؟ ممن يدخل البلاد الإسلامية وهو آمن ومطمئن؟ وهو لا يختلف عمن قتل المئات في الرياض قبل أكثر من عشر سنوات؟ لماذا يتلذذ هؤلاء بالقتل والدمار؟ ما الذي يجعلهم ينشرون صوراً سيئة وقبيحة عن دين التسامح والمحبة؟ يصورون طرق القتل البشعة، وسبي النساء وبيعهن، ويبثونها في مواقع التواصل الاجتماعي؟ لماذا يحدث كل هذا بربكم؟
لماذا أصبح المسلم يذهب إلى المساجد والجوامع، وهو يضع يده على قلبه، وقد كتب وصيته قبل أن يخرج من منزله؟ لماذا يستهدفون دور العبادة، فبدلاً من أن يدخلها الإنسان باحثاً عن الراحة والطمأنينة، يدخلها وهو يشعر بالخوف والوجل من ألا يعود إلى بيته وأسرته، وأن يُقتل غيلة في تفجير قذر؟
لا نملك إلا أن نقف مع شعب الكويت الشقيق، وندعو لشهدائهم بالرحمة والمغفرة، ونسأل الله عز وجل بأن يلهم ذويهم الصبر والسلوان ... إنه غفور رحيم.