يوسف المحيميد
بعد هدوء عاصفة أعضاء مجلس الشورى، ورفضهم مشروع الوحدة الوطنية، والعقوبات المقترحة على من يمارس العنصرية والإقصاء بين أبناء الوطن الواحد، لم يُبين هؤلاء الأغلبية لماذا رفضوا مثل هذا المشروع الحيوي والمهم في مثل هذه الظروف، وفي ظل تفشي هذه الأفعال والتعبيرات الإقصائية في مجتمعنا، فلو كانت إحدى الفقرات في نظام الحكم تشير إلى أهمية الوحدة الوطنية بين أبناء الشعب، فإن تقنينها ووضع ضوابط لها، وفرض عقوبات على مرتكبها، التي وردت في مثل هذا المشروع، إنما هو دعم وتفسير لها!
ولم يكن مستغرباً أن يفاجئنا أغلبية الأعضاء بهذا الموقف، وهم الذين رفضوا قبل ذلك مشروع قانون التحرش، بحجة واهية، وهي أن القانون لو تمت الموافقة عليه، إنما هو موافقة ضمنية للاختلاط، مع العلم أن الاختلاط في الأماكن العامة هو أمر واقع وطبيعي، في كثير من المجتمعات، ومن بينها مجتمعنا، وهو السبب الذي فرض طرح مثل هذا القانون، خاصة بعد العديد من مواقف التحرش المخجلة التي تناقلتها موقع التواصل الاجتماعي، لشبان متهورين جداً، يقومون بتحرش علني، بالألفاظ والتصرفات، على فتيات صغيرات دون أن يملكن دفع الضرر النفسي والإهانة والتعدي السافر عليهن!
ماذا يريد هؤلاء الأعضاء الذين يرفضون مشروعات وطنية تحفظ وحدة هذا الوطن، وتحفظ كرامة مواطنيه ومواطناته؟ من هم هؤلاء؟ وهل هم فعلاً أغلبية؟ أم هم أقلية تقوم بدور جمع وجذب الأصوات المترددة، التي لا تمتلك موقفاً واضحاً من مثل هذه المشروعات القانونية التي تكفل حق المواطنين؟ وإذا كانوا هم فعلا هم أقلية، لكنها الأكثر تنظيماً لجمع أصوات تؤيد مواقفهم الرافضة لكل مشروع تطويري وتنويري، فلماذا توجد مثل هذه الأصوات الضعيفة والمترددة، التي لا تملك موقفاً ولا رؤية تجاه قضايا تهم المواطن؟
كل ما تجتهد فيه الصحافة من طرح أسباب رفض هؤلاء لمشروعات مثل تلك، هي أسباب واهية وغير معقولة، وكم كنا نتمنى أن يظهر هؤلاء الرافضون في وسائل الإعلام لشرح أسباب رفضهم، ومناقشتها علناً من قبل الكتاب والصحفيين وحتى المواطنين، بحيث إذا ثبت عدم منطقية هذه الأسباب، يعاد طرح المشروع للنقاش من جديد تحت قبة الشورى، خاصة أن كثيرا من أعضاء المجلس يتحدثون كثيراً في وسائل الإعلام بكل حرية وشفافية، فمن حق المواطن أن يعرف سبب رفض مثل هذه المشروعات، وغيرها، مما له أثر إيجابي للمواطن، وشعوره بأنه جزء من هذا المجلس، حتى وإن لم يقم بترشيح أو انتخاب هؤلاء الأعضاء!
كثير من القرارات الاجتماعية والاقتصادية التي جاء بها المجلس، وكان أثرها عكسياً على المواطن، جعلت هذا المواطن يتوصل فعلا بأن هذا المجلس لا يعمل لصالحه، بل يعمل ضده أحياناً، وهذا على خلاف كثير من مجالس الشورى والبرلمانات في مختلف الدول، التي تم تأسيسها لتعبّر عن صوت المواطن!