عبد الله باخشوين
الإعلان الأمريكي الذي يقول بتقديم 20 مليون دولار لمن يدلي بمعلومات (مفيدة) عن (أكبر) أربعة في قادة داعش، يثير إشكالية واضحة حول أهداف هذا التنظيم.. حيث إن العمل (السياسي) التقليدي بجناحه العسكري.. لديه قيادات معلنه ترفع شعارات تمثل دعواها (النضالية) وتكون بمثابة أهداف استراتيجية تدافع عنها وتسعى لنشرها كمشروع دولة. غير أننا لا نرى مثل هذا في تنظيم داعش.
ليس هناك أهداف استراتيجية معلنة.. يقول بها قادة هم محط ثقة تستدعي الولاء و الطاعة. بمعنى آخر ليس لدى داعش حسن نصر الله أو أسامة بن لادن أو حتى عبد الملك الحوثي.
فمثل هؤلاء لديهم مقولات ودعاوى وأطروحات تناسب أي عمل إرهابي يمكن أن يجد إرهابيين مناصرين ومؤيدين.
الأمر الذي جعل من مثل هذه الأسماء ذات وجود معلن يمكن دراسته ومحاورته والبحث في أمراضه النفسية التي أدت لتحوله من إنسان سوي إلى إنسان معاق نفسياً إعاقة لا أمل ولا سبيل إلى شفائها.
لكن ماذا تقول داعش كأداة (شيعية) احترفت قتل السنّة وهي ترتدي أقنعة (سنية).
إنّ الذي أنشأ داعش.. يريد أن يلعب بها لعبة (صدام حسين) فمن المعروف أن أكثرية الجيش العراقي في عهد صدام حسين جنودها من الشيعة.. وقد فهمت إيران متأخرة أن صدام حسين يحاربها بطائفتها.. أي أن الجيش الإيراني والحرس الثوري الإيراني الذين هم من الشيعة.. يقاتلون جيش صدام العراقي الذي معظم كوادره وجنوده هم من الشيعة أيضاً.
وكأنما هي عملية انتقامية أن ينشأ جيش سني ك (داعش) ليكون أداة لقتل (السنّة).
ودون أن نذهب بعيداً في البحث عن (فكر) مناسب أو مقنع نقول إن هذا الجيش هو من المرتزقة سواء من الجيش العراقي المنحل أو من الأجانب الذين احترفوا القتل أو من المغرر بهم من الذين يؤمنون فعلاً بفكر إسلامي متطرف.. يعمل للقتل ويرفعه شعاراً للشهادة.
ماهي المعلومات التي تريدها أمريكا عن زعماء داعش.. وهم أناس ولاؤهم للمال الذي يحصلون عليه.. ودماء الأبرياء تسفك كقرابين للشياطين التي يعبدونها.. هم وممولوهم الذين يطلبون منهم تقديم المزيد من قرابين الدم.
وعندما تأتي مجموعات إجرامية متطرفة في ليبيا وأفغانستان أو حتى نيجيريا أو اليمن.. لتعلن أنها تبايع (داعش)، وتعتبر أعمالها الإجرامية جزءاً من مشروع الدولة الإسلامية في العراق والشام.. فإن هذه المجموعات ليست على اتصال بأي مشروع فكري معلن سواء كان إسلامياً أو غير إسلامي.. لكنها تدخل تحت الغطاء الدعائي الذي حققه سفك الدم لمجرمي داعش.. وبدلاً من الإعلان عن مكافأة مالية لمن يدلي بمعلومات عن المجرمين.. يجب أن تعمل أمريكا على التعاون مع حلفائها لاقتفاء أثر المال الذي يصل لداعش ويمول مشروعها الدموي، واقتفاء المال الذي خلفه تجارة البترول والمخدرات من دول كبيرة وصغيرة تضخ البترول بطرق مشروعة وغير مشروعة.. ويباع بترولها بحجج إنسانية واقتصادية.. دول مثل إيران والعراق وليبيا واليمن وبعض دول افريقيا.. لأنّ هناك سماسرة كثيرين من رجال المال والأعمال الذين احترفوا العمل في البترول ومنتجاته.. يتعاملون مع البترول المسروق والمهرب في سوق سوداء وبأسعار أقل بكثير عن السعر الدولي المعلن وحصص هذه الأموال ينال نصيباً كبيراً منها ذلك النوع من السماسرة والتجار ورجال الأعمال والشخصيات الاعتبارية التي تستطيع أن تعيد ضخ هذا لتغذية داعش وسواها من نشطاء الإرهاب الدولي.. و المعلومات التي تبحث عنها أمريكا لا تفيد كثيراً.. لأن هؤلاء القادة هم أدوات للمال الذي يديرون به الذبح بميزان الدم.. ودون إيجاد سبل ناجحة لحصار هذا المال ومنع وصوله إلى أيدي القتلة.. لا أعتقد أن هناك حلاً وشيكاً يطفئ نار الإرهاب التي اشتعلت في أنحاء كثيرة من الشرق الأوسط.. خاصة بعد أن أسهم تفكك الدول تحت شعار الربيع العربي في القضاء على مفهوم الدولة المركزية التي تحولت إلى أسواق مركزية يباع فيها كل شيء ويهدر الدم البريء باسم الحرية وحقوق الأقليات.