عبدالله باخشوين
في أجهزة الاستخبارات الدولية.. لا يوجد مسؤول سابق ومسؤول حالي.. لأنهم جميعًا يخرجون من العمل (الرسمي) لممارسة أعمالهم (التقاعدية) وفي حوزتهم (نسخ) من ملفات القضايا التي عملوا عليها.. وربما كل ملفات القضايا المشبوهة التي ابتكروها وعملوا على وضعها على أرض الواقع.. وجميع القضايا المشبوهة التي فشلوا في تنفيذها - وربما كانت السبب في ازاحتهم من مناصبهم. يخرجون بقوائم أسماء العملاء والمكاتب والمخابئ السرية.. ومخازن الأسلحة.. والخلايا المتعاونة.. والخلايا النائمة.. وأذرعتهم السرية الخاصة التي لا يعرفها سوى قلة قليلة من كوادر جهازهم الخاص. وطبعًا كل تلك الأجهزة الحديثة للرصد والتتبع والقتل التي بعضها لا يكاد يرى بالعين المجردة التي كلفت مئات الملايين وقعوا هم أوامر صرفها. طبعًا لا نريد أن نقول بنظرية المؤامرة.. لكننا نقول إن كثيرًا من رجال المخابرات الدولية ليسوا بمثل تلك النزاهة التي نعتقدها.. لأن طبيعة عملهم ليس فيها عدو وصديق.. لكن بعضهم يتعاون حتى مع الشيطان لتحقيق مصالح (بلده) أو لتحقيق القضية التي يعمل على تنفيذها. لذلك فإن كثيرًا مما في ملفاتهم قابل للبيع والشراء.. خاصة ما في تلك الملفات من قضايا لم يتم اعتمادها.. أو واجهت صعوبات وعقبات تحول دون العمل بها.. ثم زالت تلك العوائق وأصبحت الساحة المستهدفة صالحة للعمل بها.. وفق الخطط والقوائم والأسماء والمواقع والمخازن والمخابئ وما إلى ذلك من أمور معقدة لا يستوعبها الإنسان العادي. مثل هذا يتم بيعه الآن وبعد سقوط القيادات وحل الأجهزة وتفكك الدول وتحول الحلفاء إلى أعداء. مثل هذا يدور لكننا نقول إن كثيرًا من رجال الاستخبارات أوفياء لبلدانهم وأمناء على أسرارها وحريصون على شروط تقاعدهم التي من أساسها الحفاظ على سرية المعلومات. غير أن الذي يدور حاليًا يؤكد أن لأصابع المخابرات دور كبير فيه. بدءًا من عمليات شرق السعودية.. ونفوذ الحوثي المفاجئ الذي نفذته المخابرات الإيرانية بتواطؤ مع عبدالله صالح. وبالعودة إلى سوريا والعراق فالمعارضة السورية الرسمية.. هي نتيجة وليست هي المحرك.. أما المحرك الفعلي.. فيمكن العودة إليه من ملفات أولئك الذين صفاهم النظام وأولئك الذين نفدوا بجلدهم مثل رفعت الأسد وعبدالحليم خدام وغيرهما.
لأن من أصبح يسميهم بشار (الشبيحة) في بداية الأحداث هم من (فلول) سرايا الدفاع التي اتجهت مصالحهم للمنظمات الإسلامية ذات النشاط (النائم) الذي تحرك رويدًا رويدًا وأصبح فاعلاً في ساحات القتال.. وهم في العراق هكذا أيضًا.
اأزعم أن كل الخزين والمستودعات التي لدى حزب الله التي كانت بحوزة سرايا الدفاع السورية.. التي أنشأها الحوثي.. التي استولت عليها داعش.. هي من عمل المخابرات وأنشئت بمعرفتها ولديهم قوائم بمحتوياتها وخرائط مواقعها.. وهي أيضًا كانت مكرسة لمثل هذه الأزمة التي نمر بها.. ولا أحد يدري أي الأموال تلك التي دفعت ثمنًا لها.. ولا من أي خزينة صرفت.. ولا أي أجهزة رصد تغاضت عنها ولا من أمر منذ بداية الأزمة بالاعتماد عليها.. هل هم مسؤولون حاليون أم مسؤولون سابقون..لأن الأمر ليس مصادفة سعيدة..لكنه يتم بالتنسيق المسبق لأي تحرك.. وهم يعرفون خطواتهم القادمة..لذا ليس غريبًا أن نتجه باتهاماتنا إلى رؤوس أجهزة المخابرات الدولية السابقة التي تعرف كثيرًا من خفايا وأسرار البلاد التي عملت لها في توجهاتها إلى ضرب أو استثمار دول أخرى مهيأة لتنفيذ كل المخططات التي كانت مجرد مشروعات تحول الظروف دون الاستفادة منها.. لكن بوجود الكوادر القتالية المناسبة أعيدت جدولتها وإحياؤها.
طبعًا هذا الكلام لا يهدف للتشكيك في إخلاص المخلصين الذين تفانوا في خدمة مصالح أوطانهم.. لكنه يجعل دائرة الأسئلة تكبر وتكبر.. بعد أن اختلطت كثير من الأوراق.. على إثر تطورات أحداث الربيع العربي التي كانت من نتائجها خلع علي عبدالله صالح ووصول الحوثي قبل أن تتسبب الأمور لحكومة هادي.. ووصول مرسي.. قبل هبة إصلاح السيسي.. ومن ثم وصولاً إلى كل المناطق المشتعلة أو التي لم تستقر الأمور فيها بطريقة مثالية.. وتوالى انسلاخ قوى التطرف الديني بعضها من بعض لتكوين بؤر أكثر خطورة وتطرفًا.. وانتهاء (الفكر السياسي) أو الأيدلوجيا السياسية تمامًا وعدم وجود أي دعاوى إصلاحية تستلهم الفكر الإنساني وتطمح لاستثمارة لإصلاح الشأن العام في أوطانها.. لتحقيق إنجاز يهدف لتطبيق العدالة والمساواة.. وينفتح على العالم من حوله بطريقة ديمقراطية.
** ** **
(*) العنوان.. هو عنوان لكتاب رجل استخبارات إسرائيلي متقاعد باع ملايين النسخ مستثمرًا الملفات السرية المليئة بالفضائح.