د. عبدالعزيز الجار الله
كشفت هيئة مكافحة الفساد وحماية النزاهة في تقريرها الأخير شهر جمادى الماضي عن عدم تعاون (16) جهة معها في قضايا الفساد , وقد تعتبر هذه الجهات وزارات ورئاسات وهيئات حكومية في حكم الفساد نظراً لإحجامها وامتناعها عن التعاون مع هيئة الفساد . يذكر التقرير السنوي الذي أصدرته هيئة مكافحة الفساد: (تزايد أعداد الجهات غير المتعاونة مع الهيئة من تسع جهات في العام المالي السابق إلى 16 جهة خلال عام التقرير 1435ـ 1436هـ، تضمن التقرير 11-6-1436هـ أسماء الجهات التي لم تتعاون مع الهيئة ومنعت منسوبي الهيئة من تأدية مهامهم الرقابية التي يكلفون بها, ورفضت تزويد الهيئة بما تطلبه من وثائق وهو ما يخالف حكم المادة الخامسة من نظام الهيئة).انتهى .. نشرته وسائل الإعلام يوم الجمعة الماضي، فالهيئة تكافح الفساد لكنها سكتت عن ذكر وإعلان أسماء الوزارات والهيئات ورئاسات والمؤسسات الحكومية، وهذا قد يشجع القطاعات الحكومية الأخرى على عدم التعاون والتمادي في حجب المعلومات وإخفاء الحقائق وتقديم معلومات غير دقيقة.
حجب المعلومات في حد ذاته فساد، وإبقاء أسماء الوزارات أرقاماً دون ذكرها صراحة في وسائل الإعلام مع مخالفاتها هي شكل من أشكال الفساد، ويعد عملاً غير مقبول من جهة تكافح الفساد وتحاربه، فالفساد الإداري يكاد يكون مدمراً للقطاعات وضياعاً للمال العام، التلاعب في الوظائف وتعيين الموظفين غير المستحقين أو أخذ حق موظف وإعطائه لشخص غير مستحق يعد فساداً بغيضاً، لأنه يخلق التشاحن بين الموظفين ويرسخ مفهوم العدالة المنقوصة والتمايز بين أبناء المجتمع.
الفساد المالي الذي يحول بعض أنظمة الدولة والأشخاص القائمين على تطبيق الأنظمة إلى مظلة للسرقات وهدر أموال الدولة هذا فساد يضر بخزينة الدولة، يهدر أموالها وينخر في الخزينة مما ينتج عنه مشروعات فاشلة إما أنها تتوقف أو يكثر أعطالها.
فساد ذمم وأخلاقيات الموظفين، وهذا من أخطر أنواع الفساد لأنه يتحول إلى أعراف وسلوك مهنية تبنى عليه تقاليد ومهام الوظائف، ويشكل ثقافة للموظفين ومسلكاً لهم، تضعف القيم الأخلاق لدى منسوبي المنشآت وتفسد الأنظمة الداخلية للقطاعات، وتنتشر ثقافة التجاوزات مع تعطيل الأنظمة والأجهزة الرقابية.
تزايد عدد الجهات غير المتعاونة مع الهيئة من (9) إلى (16) جهة خلال عام واحد، ومنع منسوبي الهيئة من تأدية مهامهم الرقابية، ورفض تزويدهم بالوثائق، يعتبر مقدمة إلى انهيار البناء المالي والإداري لبعض قطاعاتنا وهذا يشكل ضرراً عاماً على الوزارات وعلى خزينة الدولة.