د. عبدالواحد الحميد
لأن المملكة قارة واسعة، وأطرافها متباعدة، وسكك الحديد التي تغطي البلاد ما زالت حلماً، فإن النقل الجوي في الوقت الحاضر هو الحل العملي الوحيد والسريع الذي يفرض نفسه على المسافر حين يضطر إلى السفر من منطقة إلى أخرى داخل المملكة، وبخاصة إذا كانت المناطق متباعدة.
وفي اعتقادي أن شبكة المطارات التي أنشأتها الدولة منذ عقود بعيدة في مناطق المملكة هي واحدة من أهم الإنجازات التي أتاحت للمواطنين في المناطق النائية أو الطرفيَّة مُلاحَقة ثمار التنمية إلى حيث المناطق التي وصلتها تلك التنمية قبل غيرها وفي المقدمة ما يوجد بها من مستشفيات وجامعات وإدارات حكومية مركزية؛ ولولا تلك الشبكة من المطارات لعاش أهل المناطق الطرفية في عزلة تنموية تامة لأن لسان الحال بشأن التنمية بالنسبة لأهل تلك المناطق هو أنه إذا لم تصلك التنمية ابحث عنها إلى حيثما توجد. ولعل أجيالاً كثيرة سابقة من المواطنين الذين درسوا في الجامعات خارج مناطقهم مدينون للطائرات القديمة من طراز «داكوتا» و»كونفير»، وهي طرازات لم تسمع بها الأجيال الحاضرة؛ أجيال «البوينج» و»الأيرباص» وما بعدها.
إلا أن المشكلة الأزلية التي كانت قائمة منذ ذلك الزمان البعيد وما زالت قائمة حتى الآن هي كيف يحصل المسافر على «مقعد» في طائرة!! فحين ترغب في السفر إلى مدينة من مدن المملكة تضع في حساباتك أن الاحتمال الأرجح هو ألا تجد مقعداً إلا إذا خدمتك الواسطة أو خدمك الحظ، مع أنك تدفع ثمن تذكرة السفر من جيبك ولا تسافر بالمجان! وقد لجمت «التقنية» مؤخراً ولله الحمد أهل الواسطة الذين كانوا يخطفون المقاعد من غيرهم لكن المضطر إلى السفر ما زال بحاجة الى قدر كبير من الحظ كي يظفر بمقعد في الوقت المناسب لظروفه.
ورغم التطورات التي مر بها ناقلنا الوطني «السعودية»، والشركات الأخرى التي دخلت الخدمة في مجال النقل الجوي الداخلي فإن أزمة المقاعد مازالت قائمة وحادة!
مؤخراً نشرت بعض وسائل الإعلام أن الخطوط السعودية تعتزم عقد صفقة مع «أيرباص» لشراء خمس عشرة طائرة من طراز «أيه 330» التي تتسع لأربعمائة راكب. ومثل هذا الخبر يذكرنا بصفقات أخرى سابقة أبرمتها الخطوط السعودية لشراء طائرات من جميع الأحجام والأنواع، ولكن لسوء الحظ مازالت مشكلة العثور على مقعد عويصة وكأنما هي غير قابلة للحل!
تُرى هل سيكون لهذه الصفقة التي تبدو كبيرة أثرٌ حقيقيٌّ في حلحلة الأزمة المزمنة التي يعاني منها الراغبون في السفر عندما يبحثون عن مقعد!؟ نتمنى ذلك.