د. عبدالواحد الحميد
نحن بلد البترول، وقد تم تأسيس كلية البترول والمعادن بالظهران عام 1383هـ/1963م، ثم تحولت إلى جامعة باسم جامعة البترول والمعادن عام 1395هـ/1975م، ثم إلى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن عام 1407هـ/1986م.
وقد كان اختيار مدينة الظهران موقعاً للكلية التي تحولت إلى جامعة مقصوداَ، فهي مركز الصناعة النفطية والمقر الرئيسي لشركة أرامكو العالمية. ولعقود طويلة لم يفصل الجامعة عن شركة أرامكو المجاورة إلا سوراً شفيفاً من الإسلاك التي لا تحجب الرؤية. ومع ذلك كانت العلاقة فاترة بين الشركة والجامعة على مدى سنوات عديدة قبل أن تتوثق، وبخاصة بعد أن اكتسبت «أرامكو» مسمى جديداً هو «أرامكو السعودية». واليوم يحتل خريجو جامعة البترول والمعادن مناصب قيادية كبرى في الشركة الوطنية «أرامكو السعودية»، بالإضافة إلى مختلف الوظائف في جميع المستويات الفنية والإدارية.
وقد كان السؤال المطروح دائماً هو: لماذا لم تستطع المملكة، وهي الدولة الكبرى في عالم النفط، أن تسجل حضوراً بارزاً على المستوى العالمي في تقنيات اكتشاف واستخراج وهندسة النفط ومختلف العمليات المرتبطة بهذه المادة التي لا يأتي الحديث عنها إلا ويأتي معه ذكر المملكة العربية السعودية؟ ولماذا نظل دولة منتجة ومصدرة للنفط الخام ولا نقتحم ميادين التطوير العلمي التطبيقي في صناعة النفط بما يتجاوز «شفط» النفط من مكامنه؟ ولماذا كانت العلاقة فاترة بين أرامكو وجامعة البترول لسنوات طويلة؟
عموماً، أرجو أن يكون ذلك تاريخاً بائداً. فقد قرأت أن فريقاً من طلبة جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حقق المركز الثالث بعد فريقين من بريطانيا والولايات المتحدة في مسابقة عالمية اشتركت فيها مائة وثمانون جامعة عالمية. وقد فاز مشروع طلاب جامعة البترول الذي كان عن «تقويم حقل نفطي وإمكان استغلاله وتحديد الأماكن المناسبة للحفر»، وجاء قبلهم فريق من جامعة رويال هولواي البريطانية في المركز الأول وفريق من جامعة بن ستيت الأمريكية في المركز الثاني. وكان فريق جامعة الملك فهد للبترول والمعادن هو الممثل لمنطقة الشرق الأوسط بعد أن حصل على المركز الأول على مستوى منطقة الشرق الأوسط.
لا نقول إن الوقت قد حان كي نكون في مقدمة الركب في مجال تطوير صناعة النفط وتقنياتها فهو قد حان منذ زمن طويل! لكن المأمول أن تتسارع الخطى لنعوض ما فات، فليس من المنطقي أن تسبقنا في هذا المجال دولٌ ليس لديها ما لدينا من الثروات النفطية. ولكن، كما يقال: أن نأتي متأخرين خيرٌ من ألاَّ نأتي على الإطلاق. ولعل أول الغيث قطرة.