د. عبدالواحد الحميد
القادم إلى مطار الملك خالد الدولي بالرياض من خارج المملكة يبهجه التعامل الحضاري الراقي الذي يلقاه من موظفي الجوازات بالمطار. سوف يعتبر البعض أن هذا المقال «تطبيل»، حسب التعبير السائد في بعض مواقع التواصل الاجتماعي. فليكن، لكن المهم هو أن نقول الحقيقة كما نراها لا كما يريد منا البعض أن نراها. وفي يقيني أن العطاء الإيجابي من شبابنا يستحق الإشادة وليس الجحود.
بدون مبالغة، لم تستغرق إجراءات عبور الطابور والوقوف أمام موظف الجوازات ثم الانصراف إلى حيث استكمال إجراءات استلام أمتعتي اليدوية خمس دقائق. ربما كنت محظوظاً إذا كانت تجربة غيري مختلفة، لكنها تجربة متكررة، وأنا رجلٌ كثير الأسفار.
عند انتهاء الإجراءات المتعلقة بجواز السفر من موظف الجوازات الذي كان قد استقبلني باسماً ومهنئاً بسلامة القدوم طلب مني تقييم الخدمة باختيار خانة من ثلاث خانات متدرجة في نموذج إلكتروني للتقييم، فاخترت الخانة الخضراء التي هي أعلى خانة، وقلت له صادقاً: لو أن هناك خانة أعلى منها لمنحتها لك دون تردد.
هذا التحوُّل الإيجابي الرائع في أداء موظفي جوازات المطار يدل، قبل كل شيء، على قدرة شبابنا السعودي على الإنجاز إذا ما توافرت لهم الظروف الملائمة، ويدل على أن توظيف التقنية المتزايد في التعاملات الحكومية المختلفة يمكن أن ييسر أداء الأجهزة الحكومية، وهو ما عَمِلَ على تحقيقه برنامج «يَسِّر»، أو برنامج التعاملات الإلكترونية الحكومية الذي تُشرف عليه وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات، وقد رصدت له الدولة ميزانيات ضخمة، وتطور بالتدريج حتى نضج بشكل مبهر خلال السنتين الأخيرتين، وأصبح بوسع المواطن أن يُنهي الكثير من معاملاته مع الأجهزة الحكومية من جهاز الحاسب في مكتبه أو منزله، بل من هاتفه الجوال.
هناك نماذج عديدة أخرى مبهجة، تُثبت أن بإمكان شبابنا السعودي أن يقدِّم خدمة متميزة حتى في الجهاز الحكومي الذي تثقله الأنظمة الإدارية والمالية، وتحد من قدرته على الإبداع. وبما أننا نعيش في زمن الاقتصاد المعرفي الذي يقوم على جمع وتنظيم وتوزيع وتوظيف المعلومة والمعرفة، وتنمية المهارات البشرية من أجل رفع إنتاجية الاقتصاد الوطني، فإن بروز نماذج مبدعة ومعطاءة من شبابنا السعودي يجعلنا نشعر بالتفاؤل أن بالإمكان أن يكون لنا تجربتنا الناجحة في ترسيخ اقتصاد المعرفة في بلادنا مثلما فعلت دول آسيوية كسنغافورة وكوريا الجنوبية.
شكراً لشباب الجوازات في مطار الرياض وفي كل مكان، وشكراً للشباب السعودي المنتج، ذكوراً وإناثاً، أينما كانوا.