غسان محمد علوان
انقضى موسمٌ كرويٌ آخر، بين صرخات انتصار وحسرات انكسار. كل من أعطى، حصد قدر عطائه. وكل من أنجز، عمل ضمن إمكاناته وقدراته. هكذا يجب أن تكون المحصلة النهائية المنطقية في كل مجال تنافسي أو رياضي. ولكن هل مثّل هذا الموسم كل ما سبق؟ هذا هو السؤال المهم الذي يجب أن يطرحه إتحاد كرة القدم على نفسه اليوم وليس غدًا.
إحقاقًا للحق، رأينا عملاً سلسًا ومميزًا من لجنتي المسابقات والاحتراف. قلّت معه الشكاوى والاعتراضات، مزيحة بذلك صخبًا كبيرًا يؤثر على سلامة المنافسات ومستوى رضا المتنافسين والمتابعين على حدٍ سواء.
وفي المقابل، نرى تقهقرًا عجيبًا في عمل وأداء لجنتي الحكام والانضباط، يكاد يقترب من مرحلة تعمد إفشال العمل. فلجنة الحكام وحكامها أصبحا الشغل الشاغل قبل وخلال وبعد كل لقاء. فلا تطور في الأداء، ولا محاولات لتحسين الصورة. تلك اللجنة التي غدت أحد أملاك الأستاذ عمر المهنا، لم تعد لجنة قابلة للتغيير أو التغير. نفس الأسماء، نفس المستويات، وإن اختلفت فمؤشرها لنزول على الدوام. هاجسها الأكبر هو تقليص عدد المباريات التي يحق للأندية من خلالها الاستعانة بالحكام الأجانب. ليس ثقة بإمكاناتها أو حرصًا على سلامة مجريات اللقاءات ونتائجها، بل لمجرد تثبيت ملكيتها. ومع هبوط مستوى الحكم السعودي، وفداحة الأخطاء وزيادة وتيرة تكرارها، أصبح انتداب الحكم الأجنبي مخاطرة لا تحمد عقباها بسبب الاختيارات الضعيفة وتعمد اختيار من هو أسوأ من الحكم السعودي لإثبات وجهة نظر فقط.
وفي المقابل، تفاجأنا بتقديم رئيس لجنة الانضباط لاستقالته في وقت اتجهت كل الأنظار إلى اللجنة عقب أحداث نهائي كأس الملك وما صاحبه من تجاوزات. هذه اللجنة برئيسها وأعضائها سيبقون في تاريخ رياضتنا لفترة طويلة جدًا من الزمن، وسيبقون المثال الأبرز لعدم الاحترافية والتخبط متى ما أراد أي منا الاستشهاد. تباطؤ لا يصدق في إصدار القرارات. وجود أعضاء من فئة (البصمجية) لإكمال النصاب في العدد والإجراء. تصريحات وتغريدات وتعليقات في وسائل التواصل الاجتماعي لا تصدر سوى من مشجعين متعصبين. تناقض في القرارات المتشابهة حد التطابق لمجرد اختلاف الألوان. هذا بخلاف اللائحة المطاطية غير السويّة التي تجعل من القرارات متشبعة بالمزاجية وتغليب الرأي الشخصي ومقدار محبة الشخص الذي تنطبق عليه الحادثة التي تستوجب العقاب. فهل يعقل أن تبدأ عقوبة ما من (لفت نظر) إلى (إيقاف سنتين) لنفس الحادثة، مع إعطاء اللجنة كامل الصلاحية في تطبيق أقصى أو أدنى عقوبة؟!
قبل تعيين رئيس جديد للجنة، يجب مراجعة الأنظمة مادة مادة. ويجب البدء في ذلك فورًا قبل انطلاق منافسات الموسم المقبل، لتكون مرجعًا واضحًا وصريحًا يستطيع أي متابع تحديد العقوبة بمجرد حدوث ما يوجبها.
تلك الوصاية التي تفرضها اللجنتان السابق ذكرهما على رياضتنا، توجِد بلا توجس مساحة للتشكيك والطعن في القرارات والمسببات ونتائج العمل.
فكوا عنا قيودها لننعم برياضة أجمل، إن كنتم لا ترون في الإنصاف ما يكدر صفوكم.
بقايا...
- تغلب منتخبنا على أرضه وبين جماهيره بشق الأنفس على المنتخب الفلسطيني الشقيق. متى تعود الثقة لصقور آسيا؟
- أحداث ما بعد النهائي مرت بردًا وسلامًا على المتجاوزين، وكأن المتجاوزون يفوقون الحدث قيمة وقامة. واعيباه بس.
- الأحداث المتسارعة التي تمر على البيت الأزرق زادت مساحة الثقة والتطلعات في قلوب محبيه.
- ليت ذلك التكريم شمل من هم خلف الستار، فهم بالفعل الأحق به أكثر من الذين تسيدوا الواجهة.
خاتمة...
وعين الرضا عن كل عيبٍ كليلة
ولكن عين السخط تبدي المساويا
(الإمام الشافعي)