غسان محمد علوان
يخوض الهلال لقاء الذهاب لدور الستة عشر في دوري أبطال آسيا ضد بيروزي الإيراني في طهران وهو يرزح تحت حملٍ ثقيل من الأحلام والإحباطات، والتفاؤل والتخوف في آن واحد. فالغيابات التي طالت الفريق في مفاصل مهمة من هيكلته قادرة على زعزعة الثقة، ولكن عند النظر إلى الماضي القريب جداً وكيفية تغلبه على ظروفه في عدة مواجهات تبدأ نسمات الأمل تلاعب أفئدة محبيه. التأهل الآسيوي مطلب أزرق أساسي، وكأس الملك أيضاً هو مطلب أساسي آخر.
ولكن المخاوف الحقيقية قادرة على كبت الأصوات المتفائلة، والتاريخ القريب والبعيد قادر أيضاً على إطلاق العنان لها.
لماذا وصل زعيم آسيا لهذه المرحلة من التزعزع النفسي، والتشكيك بنفسه ومستقبله بهذا الشكل؟ الأسباب متعددة ومختلفة المصادر.
فإن نظرنا إلى الفريق داخلياً، فسنجد أن هنالك مصدرين (أحدهما إداري والآخر فني) ما زالا يؤثّران سلباً على مسيرة الفريق.
المصدر الإداري الذي تبنته الإدارة السابقة، غرس في دواخل اللاعبين وجزء كبير من الجماهير رحابة الصدر في تقبل الهزيمة، والاستسلام لضياع البطولات والمكتسبات بشكلٍ سلس يُختتم بعبارة (الكورة فوز وخسارة) وكأننا كرياضيين نستمع لهذه المقولة كسبقٍ معرفي جديد غاب عن أذهاننا تماماً. فاللاعب الذي يدخل اللقاء واضعاً في مخيلته أي شيء سوى الفوز، سيركن لا شعورياً لغيره من الخيارات.
هذه الثقافة الدخيلة على أعراف الهلاليون الذين كانوا - و إلى عهد قريب- يتحسرون على تعادل عابر في لقاءٍ ودي غير منقول تلفزيونياً، هي الطريق الأكيد والسهل للتخلي عن زعامتهم التي يتغنون بها. الزعامة ليست لقباً عابراً أو مرتبطاً بمنجز معين أو حادثة تاريخية.
الزعامة يا سادة، هي أن تكون صاحب اليد الطولى في كل ساحة، وفي كل بطولة، وفي كل لقاء. هي تربع دائم على القمة، وليس تغنيٌ بماضٍ جميل تزداد المسافة المرتبطة يوماً بعد آخر.
الزعامة هي أن تدخل اللقاء وقد سبقتك هيبتك له بأيامٍ وأسابيع.
الزعامة هي أن تطبق المقولة الزرقاء الأشهر (بقيادة رجالٍ على قلب رجّال)، وأن لا تُستبدل بأي حالٍ من الأحوال بتقسيمات كجمهور واع وجمهور دخيل، أو أعضاء شرف مؤثّرين أو داعمين أو غير ذلك.
أما فنياً، فما زال الهلال يعاني من العصابة الرومانية الراحلة التي حرمته في عز احتياجه لعنصر أجنبي يعوض غياب قائد الفريق ومهاجمه الأول بسبب الإيقاف أو تذبذب المستوى. وبالطبع، فإن خسارة بطولة الدوري واستمرار الابتعاد عنها للموسم الرابع على التوالي هو نتاج لعبث فني أفقد الفريق العديد من النقاط السهلة والتي كانت قادرة على حسم الدوري مبكراً لو تجاهلنا مهزلة توجيه اللقب لفريق معين.
كل ذلك أثَّر سلباً على الفريق ككل، وأثَّر تأثيراً مباشراً على جزء كبير من جماهيره والتي بدأت تسلك مسالك بعض مشجعي أندية أخرى فقيرة في المنجز، وفقيرة في أصول وأدبيات المنافسة.
كل ما جرى يسهل مسحه من أذهان الهلاليين في فترة وجيزة، مع فريق شبه جاهز لاكتساح كل شيء متى ما أصبحت الأمور مهيأة لذلك.
يجب ترتيب كل ما تم بعثرته من قبل الإدارة السابقة بتغيير المنهج والمسلك. وقطع الطريق أمام كل من يحاول الدفاع عن أخطائها لإثبات موقفه أو تجميل صورته وإن كان ذلك على حساب عودة الهلال للطريق الصحيح.
يجب وقف أسلوب ترهيب كل من يرغب في تسلّم زمام الرئاسة في الفريق بتهويل الوضع المالي بمغالطات محاسبية. فهناك فرق بين الديون والمتأخرات والالتزامات، وتعمد عدم ذكر أرقام المداخيل الحقيقية القادرة على تسديد جزء من هذه المطالبات هو ترسيخ لمبدأ الترهيب.
يجب على من يرغب بترشيح نفسه، تجهيز ملفه منذ اليوم، بل حتى ممارسة دور الرئيس مؤقتاً بالتشاور ووضع الحلول وبدء المفاوضات الابتدائية والتي تكفل له النجاح متى من تسلّم إدارة الفريق.
يجب على جماهير الفريق وضع الثقة فيه كاملة ودعمه والوقوف معه في الثلاثة اللقاءات أو الأربعة القادمة. فاللوم ومهاجمة اللاعبين الآن رغم كل الظروف التي تم وضعهم فيها، هو تجهيز للخسائر مقدماً.
يجب على إدارة الهلال المكلّفة حالياً بالتعاون مع رجالات الهلال، الحرص على سلامة المباريات القادمة لعدم تكرار مهزلة الديربي التاريخية. ويجب عليها أيضاً تجهيز الفريق معنوياً ومادياً لقطف ما تبقى من حصاد الموسم.
مع انتهاء الموسم الحالي، يجب أن تنتهي معه الفترة الأكثر سواداً ووهناً في تاريخ الهلال. فعودة أعراف وتقاليد الهلال - بعد توفيق الله- قادرة على عودة الهلال لمكانته الطبيعية.
فهل تليق القمة بغير الزعيم؟ الإجابة يملكها الهلاليون وحدهم.
خاتمة...
الحزم قبل العزم فاحزم واعزم
وإذا استبان لك صواب فصمم
(عمرو بن يحيى)