الجزيرة - واس:
أوصى فضيلة عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ، المسلمين بتقوى الله. وقال فضيلته في خطبة الجمعة أمس بجامع الإمام تركي بن عبدالله بالرياض: عباد الله اعلموا أنكم يوم القيامة مسؤولون وعن أعمالكم مجزيون، أما من اتبع هواه فقد هانت نفسه وبانت ندامته, لا يضركم من ضل إذا اهتديتم. وأضاف يقول: أيها المسلمون هاهو هلال الصوم قد دنى وعرفت إطلالته والأيام تقربه فاستعدوا إليه بالتوبة والإنابة وارجوا الخير من الله ، وحين يأتي هذا الشهر الكريم يقف أولو الألباب متذكرين قوله صلى الله عليه وسلم «للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه»، فهم يعلمون علم اليقين أن من لم يمنعه صومه عن قول الزور ومن لم يصن لسانه وجوارحه عما حرم الله ليس هذا هو المقصود، النبي صلى الله عليه وسلم يقول (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة بأن يدع طعامه وشرابه)، وقوله صلى الله عليه وسلم (رب صائم ليس له من صومه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر), فهو نهج مختلف يقول عليه الصلاة والسلام (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فهي مغفرة مخصوصة بترك الكبائر فإن الكبائر لا تغفر إلا بالتوبة إلى الله ورد المظالم إلى أهلها، يقول عليه الصلاة والسلام (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر). وأوضح أن من هديه عليه الصلاة والسلام الصدقة والإحسان وبذل المعروف وقراءة القرآن والصلاة والاعتكاف، وكان جبريل يدارسه القرآن في كل ليلة، فهؤلاء الذين ينهجون هذا المنهج ويسلكون هذا الطريق لهم العقبى وعظيم الفرح فطوبى لمن أحسن وأطاب الغرس فليفرح يوم الحصاد ، وأما من لم يحسن الحرث ولا أطاب الغرس فأنى له ذلك. وأفاد أن الصوم من أعظم أسباب التقوى، ولذلك يختص الله سبحانه وتعالى بأجر الصيام عن غيره من الأعمال، فقال صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يضع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي. وتابع فضيلته يقول: أيها المسلمون إن شريعة الإسلام قائمة على رفع الحرج والتيسير والتخفيف، وما جعل عليكم من الدين من حرج يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، فصوم رمضان يجب على كل مسلم عاقل بالغ قادر، أما غير المسلم فلا يجب عليه اصوم وهو الذي لا ينطق الشهادتين، يقول سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ، وأما غير العاقل فهو المجنون فلا يجب عليه الصوم ويطعم عنه في كل يوم، أما الذي بلغ مبلغاً من السن ولا يعي ما يقول ولا يعي ما يفعل فهو يلحق به ويطعم عن كل يوم مسكيناً، وأما غير البالغ وهو الصغير فإنه لا يجب عليه الصوم ولكن يرغب فيه ويحث عليه، كان الصحابة عليهم الصلاة والسلام يرغبون أبناءهم بالصيام ويعطونهم اللعب ليلهوا عن الطعام والشراب، فالواجب إذا كان الصبي يطيق ذلك ترغيبه بالصيام شيئاً فشيئاً حتى يتهيأ للصيام ويصوم مع المسلمين. وقال فضيلته: أيها المسلمون استعدوا لشهر رمضان واستقباله واستغلال أيامه بالقيام وقراءة القرآن فإنها فرصة لا يفوتها إلا غافل، يقول سبحانه وتعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
وبين فضيلة الشيخ الدكتور عبدالله بن عبدالعزيز آل الشيخ أن من كان عليه صيام من العام الماضي فعليه أن يقضيه قبل أن يحل عليه هذا الشهر، وأنه يحرم صيام يوم الشك لقول عمار بن ياسر من صام يوم الشك فقد عصا أبا القاسم، ويقول عليه الصلاة والسلام: «لا تقدموا رمضان بصيام يوم أو يومين إلا من كان له صيام فليصمه». وأضاف: تذكروا في هذا الشهر الكريم إخوانكم المساكين والأيتام تذكروهم وارحموهم وأطعموهم وقربوهم وأدنوهم أطعموا المسكين وامسحوا على رأس اليتيم وأحسنوا إن الله يحب المحسنين، في هذا الشهر الكريم يتنافس الناس على فعل الخير ولكن أيضاً يتنافسون على الأطعمة والأشربة الكثيرة وهذا عباد الله من الإسراف، إن المسلم عليه أن يحرص على ما يكفيه ويكفي أهله، أما المبالغة والإسراف فهذا أمر منهي عنه.
وأردف فضيلته يقول: أيها التجار لا تستغلوا شهر رمضان برفع الأسعار على الناس والغلاء الفاحش واستغلال ذلك الشهر في الربح السريع إياكم ورفع الأسعار، وإياكم وبيع البضاعة المغشوشة احذروا ذلك فإن ذلك الشهر الكريم شهر مبارك تقربوا له بالطاعة فإن المال الحرام شؤم على صاحبه. وقال فضيلته: لقد أوكلت رؤية الهلال في هذه البلاد إلى جهة شرعية قضائية عليا فاجتمعت الكلمة عليها واطمأنت النفوس لها تعمل على منهج من كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ولكن نسمع خصوصاً هذه الأيام بعض من يتكلم عن رؤية الهلال ويشككون الناس في رؤية الهلال ودخول الشهر ويشككون الناس في دخول أعيادهم فاحذروا هذا المسلك والفعل المشين، أما المسلمون الذي يقيمون في بلاد غير إسلامية فعليهم أن يوحدوا رؤيتهم توحيداً لأعيادهم وجمعاً لكلمتهم، نسأل الله أن يعيننا على استقبال رمضان وأن يديم علينا الأمن والراحة والاطمئنان.