سعد بن عبدالقادر القويعي
لم يكن تشديد - سمو الأمير - محمد بن نايف بن عبد العزيز -، على أنّ: « الدولة ستكون حازمة تجاه من يحاول الإخلال بأمنها، وأنّ الدولة قائمة بدورها «، - مشدداً - على أنّ: « من يحاول القيام بدور الدولة سوف يُحاسب، وأنّ الدولة لن تأخذها بأحد لومة لائم «، سوى تأكيد على أنّ ما يجري على أرض الواقع من ظروف دولية، وأوضاع عالمية، يمثل حقبة بالغة الحساسية، والخطورة، - سواء - من ناحية كثرة الفتن، ووفرة المحن، أو ما يتعرض له آحاد الناس من أنواع البلاء، وأصناف الشدائد.
الأمن، والاستقرار، من المقومات الأساسية التي تقوم عليها الدول. كما أنهما من المطالب الضرورية في الحياة؛ ولأنّ بلادنا محسودة على ما تتمتع به من صفاء العقيدة، وسلامة المنهج، ووحدة الصف، في زمن يشهد كثيراً من الفتن، واضطراب الأمور، وتبدل مفاهيم بعض المخدوعين، وإشاعة البلبلة في المجتمعات الآمنة، - خصوصاً - في أوقات ضعف الأمة، وكثرة المتربصين بها، فإنّ الواجب المفصلي في هذه المرحلة الحرجة، يقتضي إحباط المؤامرات، وإجهاض المخططات، عن طريق الوقوف على أسبابها، والصبر على غصص معالجتها؛ من أجل النهوض بالوطن إلى مرافئ الأمان، والاستقرار.
لا نريد أن يظل شبابنا - بالذات - في غياب دائم أمام مجمل القضايا الوطنية، أو أن يكونوا هدفاً لصراعات حزبية، ومذهبية، وطائفية، ومناطقية ضيقة، من أصحاب النزعات المتطرفة، والذين يهدفون إلى تضليل الأجيال، وزرع حالة اليأس، والإحباط في نفوسهم. ومن هنا يأتي مشروع التصدي لمثل هذه الأفكار الظلامية، والقضاء على الأحلام المقيتة، والرامية إلى إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء. - وعليه - فإنّ تحقيق الانسجام بين ما يؤمن به المجتمع، وبين ما يعيشه، وما يتطلع إليه، يقتضي تحصين الفكر من الانحراف؛ حتى وإن تعدّد النسيج الفكري، والثقافي، والسياسي، والاجتماعي، لمختلف شرائح المجتمع، ولن يكون ذلك إلا وفق قاعدة حقيقية للقيم الوطنية، وانتهاج مبدأ الاعتدال، والوسطية، بعيداً عن كل أشكال الغلو، والعنف، والتطرف. والعمل - كذلك - على حمايته من لعبة التجاذبات السياسية الخارجية، والداعية - مع الأسف - إلى تمرير مشاريع استهداف الأمة في دينها، وعقيدتها، ووحدتها.
في ظل تشابك العلاقات المعقدة، والأزمات المشتركة بين مختلف بلدان المنطقة، فإنّ مفهوم الأمن الوطني سيكون من تمام الدين، ولا يتحقق إلا به، ولا يعمل إلا في ظل الأمن. - وعليه - فإنّ العلاقة بين مفهوم الأمن الوطني، والمصالح الوطنية، والأهداف الوطنية، تتداخل تحت مظلة الأمن الوطني - نفسه -؛ ولأنّ المنطقة تموج بالصراعات الدامية، وظروف عدم الاستقرار السياسي، والأمني، والعسكري، والتي تتراوح - تارة - بين الاضطرابات، - وتارة - بين الفوضى الشاملة، فإنّ شعار الحرب على الإرهاب، ومواجهة الانفلات الأمني في بعض دول الجوار، وتراجع الاستقرار الذي يعيشها الوطن العربي، يقتضي الحرص على سلامة الدولة، وحماية مقوماتها الوطنية من كافة أشكال التهديد الخارجي، التي تحاول النّيل من وطننا، أو وحدتنا الاجتماعية.
بقي القول: إنه في سياق جهود المملكة لملاحقة الشبكات الإرهابية، سيبقى النموذج الأمني السعودي متصدراَ المشهد العالمي، وذلك في معركته مع تلك الآفة التي ابتلينا بها، متمثلاً ذلك في الضربات الاستباقية الموجعة، التي تتعرض لها تلك الخلايا النائمة، وإجهاض ما كانت تخطط له من أعمال إرهابية، وإفشال مخططاتها، - لاسيما - وقد عكست تلك الأحداث - اليوم -، تداخل، وتشابك مصالح، ونفوذ عديدة القوى، والمؤثرة على مجريات الساحة؛ من أجل تشويه صورة الإسلام الناصعة، وإعادة التوتر، والاحتقان السياسي، والاجتماعي في المنطقة.