سعد بن عبدالقادر القويعي
لم ينكر - الأستاذ - عبدالإله الشريف - أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ومساعد مدير عام مكافحة المخدرات للشؤون الوقائية -، في حديثه لصحيفة عكاظ - قبل أيام -، عن وجود فتيات مدمنات، وأنه: «تم تسجيل 271 حالة لمدمنات راجعن مستشفيات الأمل في كل أنحاء المملكة، وهو رقم وإن بدا للبعض غير مفجع، إلا أنه يدق ناقوس الخطر»، واعتبر ذلك: «حجراً حرك المياه الراكدة»، - وفي تقديري - أن مشكلة كهذه تبدو أهميتها في أمن المجتمع، لكونها سبباً لكثير من الأمراض الاجتماعية، كالرشوة، والسرقة، والانحرافات الخلقية التي تعكر صفو النظام العام، عن طريق العنف، والفظاظة، وإتلاف الممتلكات - العامة والخاصة -، والخيانة، والدعارة.
فهي تعادل في أضرارها كثيراً من المؤثرات العقلية، وقد تكون مقدمة؛ للوقوع في براثن الإدمان على المؤثرات العقلية الأخرى.
إن وضع قضية إدمان الفتيات المدمنات في حجمها الحقيقي بالأرقام، والإحصاءات سيحدد تقدير حجم المخاطر، والصعاب، وتحديد ماهية الأدوار المطلوبة؛ لمواجهتها؛ ولعدم توافر الإحصاءات الدقيقة حول نسبة الأعداد، فإن اللجوء إلى تقدير حجم المخدرات المستهلكة بالمقارنة مع كمية المخدرات التي تكتشفها الجهات المسؤولة، سيجعل من محاولة تقدير نسب انتشار الإدمان لدى هذه الفئة عملية تقريبية، وهو ما عناه - الأستاذ - عبدالإله الشريف، بأن: «ما يبعث على الخوف، والقلق فرضية، واحتمالات وجود مدمنات، أو متعاطيات لم يراجعن مستشفيات الأمل بعد، ولم يتم إثبات حالاتهن».
قد تلجأ بعض الفتيات لبعض أشكال الإدمان، كمحاولة هروب من أزمات الاضطرابات الاجتماعية، والنفسية، - إضافة - إلى اهتزاز الشخصية لديهن. الأمر الذي بسّط أمام شبكات الترويج الإلكترونية أرضية خصبة؛ مما سهّل لهن الانزلاق في شتى أنواع الانحراف بطريقة سلبية، وذلك من خلال الهجرة المخيالية، والذي يمثل في واقع الحال إدماناً على استهلاك المخدرات كأحد تمظهراتها.
إن مشكلة تعاطي المخدرات للفتيات، تشكل تهديدا للنوع، والوجود فهي تدمرهن نفسياً، واجتماعياً، وبصورة متزايدة؛ وللوقوف على التحديات المعاصرة، والمستقبلية، فإن الدراسات الميدانية في هذا الباب، تشير إلى تعدد مجموعة الدوافع التي تدفع بالفتيات إلى مطلب التعاطي، كالدافع إلى التخفيف من ضغط بعض التوترات النفسية، والتي تفرض نفسها على سلوكيات المرأة في مواقف بعينها، أو السهر لمدة طويلة في فترات الاختبارات، وقد تكون الدوافع لأهداف ترويحية لا حصر لها، - إضافة - إلى أن من الأهداف التي تسعى لها بعض المتعاطيات إلى تحقيقها، هو مجرد حب المغامرة، والتجربة، إما ولوجا في هذا العالم المخيف، أو لمجرد الاستمتاع بالخبرة الخطرة.
كم نحن بحاجة إلى طرق أكثر نجاعة، تتوخى الرعاية الاجتماعية، والنفسية، والصحية، فقضية الإدمان بصورة عامة، هي قضية تتعلق بأمن المجتمع بالدرجة الأولى.
- وعليه - فإن مواجهة، وعلاج هذه الآفة من كافة المؤسسات الدينية، والإعلامية، والتربوية، والاجتماعية، والصحية، ووضع إستراتيجيات شاملة، وبرامج متكاملة؛ للقضاء على ظاهرة المخدرات، ومكافحتها، أصبح مطلباً مهماً.
ومع قناعتي التامة بحيوية، وضرورة التكامل بين مختلف هذه الجهات، إلا أنني أدعو - في واقع الحال - إلى ضرورة حصر مسؤولية الاختصاص في نطاق علاج تلك الحالات المشار إليها في تصريح أمين عام اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات، ومن ثم تقديم الاستشارات المساعدة؛ من أجل السيطرة على الحالات الإدمانية؛ لأننا رأينا أن إهمال هذه الأبعاد، كان سبباً رئيساً في فشل المحاولات العلاجية للإدمان.