د. خيرية السقاف
تعال يا صغيري أحدثك:
هذه الأرض التي تمشي فوقها رفات أهلك الذين مضوا..,
وهؤلاء الذين فوقها من حولك هم أهلك الذين بقوا..
والمرء لا يبيد أهله بل يزيدهم..، يعمل على إحيائهم لا قتلهم..
على راحتهم لا قلقهم، على أمنهم لا إفزاعهم..
هؤلاء أمرت أن تصلهم، ولا تقطعهم،..
تبرهم، ولا تخذلهم،..
تزيدهم، ولا تنقصهم..
تخلص لهم، ولا تغدر بهم..,
فمن قال لك غير هذا خدعك،..
أضرك، ولم ينفعك،..
شوّه الحقيقة لك، ولم يصدقك..
إنْ قال لك غير هذا يرضي الله فقد غشك,
فربك الذي أمرك فيهم .. بالتواد، والتراحم، وبالتكاتف، والتكافل،..
وبالحفظ، والمسالمة،.. وبالبذل، والدفاع،
هو الذي حرّم عليك أذاهم، ونبذهم، ومنعك عن الكيد بهم، وظلمهم..
وجمعك بهم في دينك، وأرضك، وسمائك.., وعملك، ومعاشك، وهدفك، وغايتك..
فدينك يا بني يدعو للسلام، والأمان،.. مع الأعداء فكيف بالأقرباء..
بالمعايشة معهم برفق، والحرص عليهم بصدق..
فمن قصد عقلك، وقلبك بغير هذا فقد آذاك..,
وأضلّك عن جادة الطريق لغايته،.. وأودى بك إلى درك سحيق وحدك..
يا بني، وأنت اليافع في العمر، الناشئ بينهم، الراضع من ثدي أُم تمتد فيهم بصلة، وأب يتجذر فيهم بعرق، وأخ يجتمع بك فيهم بنسب، وجار يلتقي بك معهم في جدار، ورفيق منهم يقتسم معك الرغيف، ويستتر معك فيهم بسماء..
كيف يا صغيري تصغي لمن يشوِّه معدنك، ويعبث بقلبك، ويطمس عقلك، ويقودك خارج سرب أهلك، وسور دارك..؟
لتكون مدية في صدورهم، وناراً بين جنوبهم،..؟
يا صغيري، ..
اعرف الحق واتبعه، وأيقظ الضمير واصغ له، وتعلّم العلم النافع الصادق واشرب من معينه، ودع المستنقع العافن وتجنب تلوثه..
تكن ابناً باراً لتراب تمشي عليه، ونسيج أنت خيط فيه، وظهور أنت منسل منها، متصل بها..، ومحضن تلقاك وليداً، ورباك يافعاً..
فالله ما خلقك عبثاً تتشظى إلى النار، ولا هملاً تتوه في الفساد، ولا ابناً تعق في قسوة،..
فالأهل الأهل يا صغيري،
تكن باراً بهم ..، بترابهم الذي يقل..، بسمائهم التي تطل..، وبسورهم الذي يشد ظهرك، ويمد عضدك..