ميسون أبو بكر
صدرت توجيهات صاحب السمو الملكي ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية - حفظه الله - بإضافة فقرة جديدة من اللائحة التنفيذية لنظام المرور، وتتضمّن إضافة المخالفة لاستخدام الهاتف المحمول باليد في أثناء القيادة، من المخالفات التي تهدّد السلامة العامة للخطر.
وفي حال تكرار ارتكاب هذه المخالفة تتم إحالة المخالف إلى هيئة الفصل في المخالفات والمنازعات المرورية بإدارات المرور ليتم إيقافه، كونها أصبحت في هذه الحالة من المخالفات الموجبة للتوقيف، هذا إضافة إلى تسجيل المخالفة المقررة بحقه.
فقد شغل هذا القرار بحق السائقين الذين يستعملون الهاتف الخلوي أثناء القيادة.. وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها وحديث المجالس، ولعله يُعد من أهم القرارات وأكثرها ضرورة في وقتنا هذا الذي أصبح فيه استخدام الجوال ظاهرة غير صحية أودت بحياة الكثيرين، أو سببت حوادث لا طائل لها.
فلم تعد في مجتمعنا العربي وسائل التواصل للترفيه المشروع في أوقات الفراغ، بل وسائل للقطيعة بين الأسرة الواحدة، حيث ينشغل كل فرد منها بعالمه الافتراضي في هذا الفضاء الواسع، سواء عبر رسائل الواتس أب أو تغريدات التويتر أو مكالمات ورسائل التانغو والفايبر والفيس بوك، فأجسادهم في نفس المكان وأذهانهم وحواسهم في فضاء آخر.
أصبح هوساً لدى البعض إدمان هذه الوسائل، التلاميذ في المدرسة والجامعات وخلال المحاضرات وبعض الأساتذة أيضاً الذي يظهر نشاطهم في مجموعات الواتس أب خلال تواجدهم في المحاضرات، وقد تعدتها لالتقاط صور في كل الأوقات ومقاطع فيديو ونشرها، حتى لم يتورع البعض في استخدامها أثناء القيادة، ويظهر هذا مدى العبث والاستهتار بأرواح الآخرين، فبينما هناك احترام لاستخدام هذا الوسائل في الغرب وتقدير الزمان والمكان، نجد الفرق كبيراً في مجتمعنا الذي أصبحت لديه ظاهرة سلبية بكل ما تعنيه العبارة.
مقاطع الفيديو التافهة أيضاً تظهر العبث واللا مسؤولية والفراغ الذي يعيشه البعض، الشائعات التي تتداولها هذه الوسائل وتتضخم وتثير الفوضى والقلق في المجتمع، فهل كنّا فعلاً بحاجة لتقنين استخدام ولقوانين تنظمها!
أين الرقابة الذاتية والوازع الشخصي والأخلاق التي تتحكم في نزواتنا واستخدامنا لها؟.. أين الخصوصية وقد باتت لحظاتنا وأشياؤنا تحت المجهر وللعلن، والأسف الأكبر أن هذا الاستخدام الخاطئ لم يقترن بالشباب، بل تعداه لفئات أخرى في المجتمع يظهر نشاطها في الوسائل المختلفة.
لعلني هنا لا أنكر أهميتها وكيف أصبحت أيضاً وسائل تواصل حكومي من خلال تفاعل بعض الوزراء والمسؤولين مع المواطنين وفي حل مشكلاتهم ووسائل للتبادل الثقافي والحوار، لكن كل هذا قد يُنسى أمام روح إنسان أُزهقت بسبب انشغال سائق السيارة، ليس فقط باتصال هاتفي بل إرسال واستقبال الرسائل والذي يتطلب انشغالاً أكبر.
شكرًا.. سمو الأمير محمد بن نايف لهذا القرار الحاسم الذي نتمنى أيضاً أن تحذو حذوه جهات أخرى كالجهات التعليمية ليكون للجامعة والمدرسة حرمتها، وفي العمل، والوازع الأخلاقي أيضاً عند الفرد لكي لا تتمزق الأسرة بانشغال أفرادها بالإدمان الإلكتروني.
أتمنى أن تسمح وزارة الداخلية بتصوير كل سائق يستخدم الجوال وتصوير رقم اللوحة لتقديمها للجهات المختصة، مما يجعلنا كلنا شركاء مع الوزارة في تقديم المخالفين لقرارها، وفي نهاية المطاف هذا عالمنا نصنعه بما يليق بِنَا وما يحقق سلامتنا.