لا يمكن أن تنتهي عاصفة الحزم، ونتائجها تقتصر فقط على ضمان عدم تكرار الاعتداء على المملكة، أو بعودة الشرعية إلى اليمن، أو القضاء على ميليشيات عبدالملك الحوثي وعلي عبدالله صالح، فهذه نتائج إيجابية ومهمة وضمن أهداف عاصفة الحزم، ولكن يجب أن يصاحبها صدور قرارات ملزمة تلبي اهتمامات دول التحالف، وأن يتزامن معها التوقيع على اتفاقيات تحدد مستقبل المنطقة، بما يعزز أمنها واستقراراها، ويمنع أي تدخل خارجي عدواني في شؤونها.
***
الحرب متى وضعت أوزارها، وكللت بالنجاح كما هو واضح، وأصبحت تذكر بما أفرزته من دروس بليغة، وأن أي عدوان مستقبلي سيكون الاحتكام إليه ومنعه ضمن الرجوع إلى هذه الاتفاقيات، حينئذٍ تكون إيجابياتها مفيدة لشعوب دول المنطقة، رغم مرارة الحرب، التي لم يكن هناك من خيار غيرها لقهر المعتدي، وتأديبه، وإفهامه بعدم اللعب بالنار، لأنه سيكون أول وقودها، وبالتالي فهو من سيحترق بأوارها، ويصطلي بنارها، دون أن يجد من يسعفه، أو ينقذه من لهيبها الحارق.
***
التغيير الذي نتوقعه ونراه قريباً، أن الهدوء سوف يسود المنطقة بأكثر مما كانت عليه قبل الحرب، وأن مَنْ اعتقد من الحوثيين أن دعم إيران، وانشغال دول العالم بمشكلات أخرى، ربما عزز قدرتهم على فرض أجندتهم داخل اليمن وخارجها، وبالتالي العبث بأمن واستقرار المنطقة، هو بالتأكيد من الأوهام والتخرصات، وأنهم دون غيرهم مَن سيخسر كل شيء، ويخرج من الحرب مكسور الخاطر ومهيض الجناح، وغير قادر على التعامل مع الوضع الجديد، فقد فَقَدَ توازنه وقوته، وأصبح ذليلاً أمام المواطنين، يزدرونه، ويحتقرونه، ويحمَّلونه سبب كل هذا البلاء.
***
الحوثيون، ومعهم مليشيا علي صالح، عليهم أن يفهموا اليوم قبل الغد، ويتعلموا من الحاضر قبل المستقبل، أن معادلة الحرب قد تغيرت، وأن زمنها ومكانها قد تغيرا أيضاً، ولابد أن يدركوا أن تداعيات عاصفة الحزم، قد تولَّد عنها مجموعة متطلبات عليهم أن يلتزموا بها، ويوافقوا عليها، ضمن التغيير الشامل الذي سيرسم مستقبل الاستقرار في المنطقة، ويوفر الغطاء الأمني لكل دولة فيها، بما فيها اليمن الذي عانى شعبه طويلاً من ظلم الحوثيين والرئيس المخلوع، وكادت اليمن أن تصبح من الماضي بفعل التدخل الإيراني في الشأن اليمني، لولا تدخل المملكة ودول التحالف الذي حال بين إيران وأطماعها في اليمن وفي المنطقة.
***
كلنا في انتظار التغيير الشامل الذي لن يسمح مستقبلاً بتكرر التحرش الحوثي الإرهابي بدول المنطقة، وبخاصة المملكة العربية السعودية، ضمن استراتيجية جديدة، واتفاقيات يتم التوصل إليها بين جميع الأطراف من خلال الحوار وطاولة الاجتماعات، وتؤطرها الروح الأخوية التي تأخذ بعين الاعتبار مصالح الجميع، معززة بحسن الجوار، والانتماء العروبي والإسلامي، والتاريخ المشترك، فهذا هو طريق المستقبل الصحيح الذي يخدم دول وشعوب المنطقة.
***
ومن المؤكد أن الخاسر الوحيد من أي اتفاق أخوي كهذا، يمرر من خلاله مبدأ التعاون المنشود، وتبادل المصالح، وإرساء المحبة بين شعوب دول المنطقة، لن يكون هناك من خاسر فيه سوى إيران، وفي مقابل ذلك، فإن المصلحة والمكاسب ستمتد إلى جميع دول المنطقة، وسيشعر المواطنون بالفارق بين ما كان عليه الحال قبل عاصفة الحزم، وما آل إليه بعد انتهاء الحرب، بحيث سيتنفس الجميع الهواء النقي، ويتمتع كل مواطن بحياة حرة يسودها الأمن والاستقرار الذي افتقدته الكثير من دولنا العربية.