سمر المقرن
أشعر بسعادة غامرة حين أقرأ بين الفينة والأخرى، قصص النجاح لشابات وشبان سعوديين حققوا الريادة في مجالات مختلفة، بدءًا من التفوق في التخصصات العلمية أو الاختراعات ومرورا بالأعمال الاقتصادية والتجارية والمناحي الثقافية والمجتمعية.
هؤلاء هم ثروة الوطن الحقيقية واللاعب الرئيس في مستقبل بلدنا، والذين سيشكلون هويته المقبلة، وتقدمهم في هذه المجالات أمر مفرح، وخصوصًا أن كثيرا منهم خلق لنفسه تميزًا في مجاله في ظل صعوبة المنافسة، لتعددية أقرانهم من جهة ولوجود المنافس الأجنبي من جهة أخرى وخاصة في الأنشطة التجارية.
وإن كان هؤلاء المتميزين شكلوا نماذج يحتذى بها، إلا أن داخل قصصهم معاناة بسبب بعض العراقيل النابعة من البيروقراطية الإدارية أو عدم استيعاب المجتمع لما يقدمونه، وقلة الدعم المقدم لهم وضعف الأضواء التي تسلط عليهم مقارنة بالفنانين والرياضيين مع أسفي الشديد.
أقرأ كثيرا عن معاناة هؤلاء الشبان وأتساءل.. متى سيجدون الدعم؟ فإن كان وطنهم الذي أنعم الله عليه بالخيرات وبالطاقات وبرغبة القيادة العليا بالتطوير، ومع ذلك لم يتحقق لهم مايريدون بسبب عقلية موظف في وزارة قد تحطم أحلام شاب في مشروع تجاري أو تجعل حلم كتاب أدبي مجرد حبر على ورق، واختراعا حبيس الأدراج .. فمتى سيكون لهؤلاء بصمة؟
ففي المجال العلمي لو فتحنا المجال لكثير من الشابات والشباب ليحكوا عن الصعوبات التي تواجههم في تطوير أنفسهم، وتطوير أعمالهم وفتح مراكز علمية حقيقية تحتضنهم وتقدم لهم الدعم، حيث تفتقر الجامعات لمثل هذا الدعم بعد أن «ضاعت» فلوسها على المؤتمرات الورقية والأعمال التافهة ولايتم تخصيص للبحوث العلمية سوى الفتات من الميزانيات، وأتذكر قصة العالم المصري أحمد زويل الذي كانت تخصص جامعته الأمريكية لمختبره مبلغ يقارب مليوني دولار شهرياً.
وفي المجالات التجارية، حدث ولاحرج، عما يعانيه هؤلاء من صعوبات، أهمها التشديد من وزارة العمل عليهم، مع العلم أنهم من أصحاب الأعمال الصغيرة ولايستطيعون تحمل تكاليف توظيف السعوديين بل وبعض أعمالهم لاتحتاج لأكثر من عمالة بسيطة برواتب متدنية، ونحن في بلد لم يستطع ملء كل الوظائف الشاغرة فتركنا الوظائف المحترمة للأجانب ولاحقنا الوظائف الدنيا، وفي ذات الوقت نعلم أن المتلاعبين الكبار والذين بيدهم ولديهم المقدرة على التوظيف يتهربون بطرق ملتوية، وأي نظام في العالم هناك من يستطيع الاحتيال عليه، ومعاناتهم أيضا من قلة الجهات الحاضنة والتي تقدم الدعم لهم بيسر وسهولة، فمن أين لشاب أو شابة أن يرهن عقارا ليحصل على قرض؟
وكلنا نعرف أن محاربة الغلاء والبضائع الفاسدة لايكفيه عقوبات وقوانين شرعية، بل يحتاج لدعم هؤلاء الشباب الذين يحملون هم الوطن وتقديمهم كمنافسين حقيقيين لأولئك المتلاعبين وبالتالي تنظيف الأسواق.
بلدنا بحاجة لأن تلتف لكل مبدع وأن تقدم له كل دعم، وكما قدم برنامج الابتعاث الرائد أنموذجا عالميا بدأت بوادره بالظهور، نحن بحاجة لبرامج حقيقية وسريعة لدعم كل الموهوبين ورواد الأعمال، حتى لانخسر المستقبل!