د. محمد عبدالله العوين
توقفت عاصفة الحزم بصفة رسمية منتصف ليل الأربعاء الماضية، بدءاً من الدقيقة الأولى من يوم 3 رجب 1436هـ؛ ولكنه توقف مشروط باستجابة العصابة الحوثية وفلول جيش المخلوع الرئيس المخلوع استجابة كاملة لمطالب «التحالف العربي» وهي: توقف حركة الحوثيين عن إطلاق النار، تسليم الأسلحة للحكومة الشرعية، الانسحاب من المدن، إطلاق سراح الأسرى، تخلي الحركة عن «المليشيا» والانضواء ضمن أطياف المجتمع المدني كحزب سياسي.
العاصفة لم تتوقف توقفاً تاماً؛ وذلك لإخلال العصابة المتمردة بشروط التحالف باستمرارها في استهداف المدنيين والقتل العشوائي وتخزين السلاح، وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقبله المجتمع الدولي الذي حدد يوم الخميس الفائت موعداً أخيراً لتسليم الحوثيين أسلحتهم والانسحاب من المدن وإيقافهم إطلاق النار نهائياً، وحين يخل المتمردون بأي من هذه الشروط فإن مجلس الأمن سيتولى بالتنسيق مع التحالف العربي مهمة مواجهتهم والقضاء على حركتهم، بموجب القرار 2216 تحت الفصل السابع الصادر من مجلس الأمن: ستكون مهمة تدمير حركة الحوثيين -إن لم يلتزموا بالشروط- مهمة دولية بدءاً من يوم أمس الجمعة، ولن تكون قوات التحالف سوى شريك ضمن قوات العالم التي سيكون من ضمنها بطبيعة الحال القوات الأمريكية التي تتواجد حاملة طائراتها الضخمة في بحر العرب، وكذلك القوات البريطانية والفرنسية وغيرها ممن يوكل إليهم مجلس الأمن مهمة تنفيذ القرار الدولي وكف أذى العصابة الحوثية عن اليمن وجيرانها.
لقد حققت المملكة أهم وأبرز هدف ضمني غير معلن بذكاء وحسن تدبير وصرامة وقوة عزيمة وثقة في النفس وتأمين لمستقبل أمن المملكة واليمن والوطن العربي؛ وهذا الهدف الكبير والجوهري لا يتضمن تدمير حركة الحوثي العسكرية وإنهاءها كميليشيا فحسب؛ بل إلى ما هو أبعد وأهم وأكثر خطراً؛ وهو اجتثاث الوجود الفارسي في جزء مهم جداً من شبه الجزيرة العربية يشترك مع المملكة بحدود 1400كم؛ أي أن الهدف البعيد يتجاوز تدمير الوكيل إلى تدمير الموكل.
لقد رسمت «إيران» لمطامعها المجنونة في الهيمنة على العالم العربي خرائط ووضعت جدولاً زمنياً لتحقيق تلك المطامع على مراحل، وتزامن عملها من حيث تأسيس الخلايا وإمدادها بالكوادر أو استضافتها في طهران أو البقاع أو بيروت أو دمشق أو غيرها من بلدان عالمية اتخذتها مسرحاً للتأهيل والتدريب والاجتماعات وترتيب بناء المجموعات وإمدادها بما يلزمها من مال وسلاح، ولذلك نرى أن إيران تحقق نجاحاً بنسب مختلفة في تثوير عدد من الدول العربية وإثارة الفوضى فيها في أوقات متقاربة وتوجد بين تلك العواصم التي تسعى إلى خلق الفوضى فيها ما يشبه غرفة عمليات مشتركة؛ لتهييج الرأي العام ومنح حركات الشغب التي تقترفها الأقليات العميلة التابعة لها المشروعية؛ كما يحدث في البحرين واليمن، فتتولى أجهزتها الإعلامية الفضائية وغيرها كالعالم والنهار والميادين وعشرات من أبواق الفضاء مهمة الدفاع عن الطائفة المشاغبة المدفوعة تحت اسم «المظلومية» والانتصار لحقوق الإنسان، أو كما تفعل أبواق إيران الإعلامية للدفاع عن الأحزاب والأنظمة السياسية الموالية لها كحزب الله والنظام السوري وتسويغ ما يرتكبانه من جرائم تحت لافتة وهمية كاذبة؛ هي الممانعة ومقاومة إسرائيل وأمريكا.
تبرز نتائج المخطط الفارسي الذي يعمل منذ أن قامت ثورة المعممين 1979م باسم تصدير الثورة وولاية الفقية إلى ما صرح به محمد صادق الحسيني من أن إيران تهيمن الآن على أربع عواصم عربية؛ هي: بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء!
لقد قضت عاصفة الحزم على حلم إيران بالهيمنة على العاصمة العربية الرابعة، وهذه هي النتيجة الإستراتيجية المعنوية غير المعلنة؛ أما القضاء على عصابة الحوثي؛ فهي هدف يسير وسهل المنال وسيتحقق بجهد التحالف العربي ومشاركة القوات الدولية وفق قرار مجلس الأمن تحت البند السابع. الأهم أن المملكة داست على أحلام الفرس في جنوب جزيرة العرب وبقيت أحلامهم في شمالها تنتظر عاصفة عربية إسلامية جديدة.