د.عبدالرحيم محمود جاموس
لم تكن القيادة يوماً ما تشريفاً إلا لدى الضعفاء، القيادة هي تكليف وليست تشريفا، والقيادة عزم وحزم وإرادة ورؤية صائبة تتبلور في قرارات مناسبة وفي الأوقات المناسبة، عندها تكون القيادة قدرة، تمتلك القوة والمشروعية.
منذ عقود خلت وأمتنا العربية تنتظر أن تظهر لديها قيادة عربية بهذا المظهر، القادرة على مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، التي عصفت بالعديد من أقطار أمتنا العربية، دون أن تجد من يواجه هذه التحديات والترديات الخطيرة في حياة الإنسان والمجتمع والدولة العربية.
لقد تنفس الإنسان العربي وفي مقدمته الإنسان اليمني، عندما وجد له أشقاء يتحملون المسؤولية إلى جانبه في مواجهة الأزمات والتحديات التي رزح تحت نيرها شعب اليمن الشقيق، نعم لقد كان القرار سعودياً خليجياً عربياً بامتياز، عندما أطلق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز قراره التاريخي والإستراتيجي، بالعزم والحسم والإرادة الصلبة والرؤية الثاقبة لمستقبل اليمن ومستقبل المنطقة، ومعها العرب أجمعون، فكانت عاصفة الحزم، قراراً عربياً لأول مرة، في قضايا تهم الإنسان والمواطن العربي منذ عقود، وقد أثبتت بما لا يدع مجالاً للشك أن الفراغ الإستراتيجي الذي عانت منه المنطقة العربية لعقود خلت، وسعت قوى إقليمية وفي مقدمتها إيران، وقوى أخرى إقليمية ودولية لملئه قد انتهى، وقد بدأ عهد عربي جديد، وبات العالم العربي حيزاً لا يسمح لتلك القوى لمواصلة سياسات العبث بمقدرات الشعوب والدول العربية وتحديد مصير الإنسان العربي فيها، العرب اليوم مع عاصفة الحزم، وحسمها وانتصارها بإعادة توجيه مجرى الأحداث في اليمن لتأخذ مسارها الصحيح، بأن يلتقي أبناء اليمن الشقيق على اختلاف ألوانهم وتوجهاتهم السياسية للحوار البناء والعمل على إعادة بناء دولة اليمن الواحدة المتحدة تحت غطاء عربي ورفض كل أشكال التدخلات الخارجية التي حاولت ولا زالت أن تعبث بنسيج اليمن واستقراره الاجتماعي والسياسي والعقائدي، وفرض لون طائفي بغيض عليه، كاد يفتك بوحدة اليمن ووحدة مجتمعه وإسقاط دولته، وتحويلها إلى منطقة نفوذ لإيذاء الدول العربية المجاورة الشقيقة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية قلب العروبة النابض وبقية الدول العربية الأخرى.
لقد أدرك العالم الآن معنى العزم والحسم العربي الجديد ومعنى التضامن العربي وإن في مستوياته الدنيا حين صدر القرار 2216 عن مجلس الأمن يوم 14/04/2015م تحت البند السابع ومقتضياته في تأييد ما ذهبت إليه عاصفة الحزم في الانتصار للشرعية الدستورية اليمنية والانتصار لشعب اليمن ووحدته ووضع حدٍ للتدخلات الخارجية وردع الموالين لها والخارجين على الشرعية الدستورية التي يختارها شعب اليمن.
لذا نقول في هذا المقام ((ما حك جلدك غير ظفرك)) وها هو الظفر العربي الذي بدأ يتحرك ولا ينتظر الآخرين، ومن هنا ندرك أهمية استقلال القرار العربي، وملء الفراغات الإستراتيجية في الجسد العربي عربياً، ليعود القرار عربياً خالصاً في كافة أقطار العرب، إنها المواجهة المباشرة مع الحقيقة ومع التحديات التي لا زالت تعصف بالعديد من أقطار العرب، وتنتظر قراراً عربياً جماعياً حاسماً يعيد إليها الاستقرار والأمن والوحدة والشرعية، تلك التي تعاني مما يعانيه اليمن الشقيق، وأثبتت التجربة بهذا القرار 2216 أن العالم لا يفهم لغة الضعفاء رغم عدالة قضاياهم، فلابد من القطران مع الدعاء ...!