أ. د.عثمان بن صالح العامر
هزتني هذه الكلمات التي قالتها «معنفة حائل»، كما نعتتها جريدة الشرق الأسبوع الماضي، ونقلت تفاصيل مشكلتها والحال التي وصلت لها والإجراءات والتدابير التي اتخذت في حقها من قبل وزارة الشئون الاجتماعية.
لست هنا في مقام سرد تفاصيل مأساة هذه الفتاة التي توجع القلب وتدمي الفؤاد، فالأمر عندي أشد من ذلك بكثير، إذ هو يفتح الباب على مصراعيه حيال:
- فهمنا نحن للعلاقة بين بعضنا البعض.
- شعورنا نحن إزاء مآسي غيرنا من بني جلدتنا.
- إدراكنا نحن لمفهوم العنف والإساءة والأذى.
- قدرتنا نحن عن رفع الظلم الواقع على من يعيشون بيننا ومن حولنا.
كثير من صور الظلم والعنف والتهميش والخذلان والاحتقار والازدراء جاثمة على صدور أقرب الناس لنا ونحن من اقترفناه عن حسن نية تارة، وتحت ستار العرف والعادة وخوف من كلام الناس تارات، أشد من ذلك أن البعض يرتكب هذا اللون من العنف المشين تحت ستار الدين وباسم الإسلام وهو منه براء، أو من باب أداء واجب القوامة الأسرية ومستلزمات التربية الأبوية حسب فهمنا الخاطئ لها.
الأم والأب هما عنوان الحب المتدفق بلا حدود، وواحة الأمان الذي لا يعرف الخوف، ومدينة الأحلام التي ترفرف حولها حمائم السلام فهل نحن هكذا!!!؟، هاهو رسول الله صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم وخير البشرية على الإطلاق كان إذا دخل على ابنته فاطمة قامت إليه وأخذت بيده وأجلسته مكانها، وإذا دخلت عليه قام إليها وأخذ بيدها وأجلسها مكانه» حسنه الترمذي.
آهاه
- كم هي آهات مجهولي الأبوين الذي لا يعرفون لأمهاتهم عنواناً.
- كم هي أحزان اليتامى حين يحل المساء.
- كم في مجتمعنا من معنفة صمتت وبين حناياها ضجيج لا يهدأ وجرح لم ولن يندمل، وممن كل هذا .. من أقرب الناس لها وللأسف الشديد!!؟.
أحياناً عندما أسمع طرفاً مما يجري خلف أبواب بيوتنا، وأقرأ حكايات ذواتنا أحس أننا لم نعرف بعد أبجديات ديننا، ولم ندرك حقيقة مسئوليتنا إزاء ذرياتنا، ولم نفهم بعد السبل الناجعة لتربية فلذات أكبادنا، فمنا المقتر، وبيننا المسرف، والقليل من كان بين ذلك قواما.
العنف سواء أكان لفظياً أو جسدياً أو رمزياً يؤثر تأثيراً شديداً على مستقبل أبنائنا النفسي والاجتماعي والدراسي والأسري وإن لم يكن على درجة واحدة، ولذلك علينا أن نقرأ في التربية، ونلتمس السلوك الأمثل في التعامل مع صغارنا قبل أن يروى نور الحياة إذ ليست العبرة في كثرة الولد بل في صلاحه واستقامته وحسن سيرته وجودة صياغته.
محزن جداً أن تصل الحال بفتاة صغيرة تبحث عن حضن أمها الدافئ لتقول عبر الصحافة المقروءة أن إبعادي عن أمي كان حلماً وتحقق، والأشد ألماً والأشنع حالاً حين نفتش داخل أروقة مسكننا فنجد «نورة» أخرى ولكنها قنبلة لم تنفجر بعد!!.
دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.