يوسف المحيميد
ما أصعب أن تمتلك أرضاً في هذه الصحراء المترامية الأطراف، فضلا عن أن تمتلك منزلاً يؤويك وأسرتك، فهذا حلم العمر ومنتهاه، ولكن ماذا لو امتلكت منزلاً، وفوجئت بما لا يسرك من ظروف وملابسات، كأن تظهر عيوب مؤثرة في الهيكل الإنشائي، بما يصعب معه التعديل والمعالجة، أي وقعت في فخ تاجر عقار غير نزيه، أو مقاول ليس له ذمة، فما العمل؟
ماذا لو اكتشفت أن ما ادخرت له المال طوال عمرك، واخترته بعناية كبيرة، ودفعت له أكثر من غيره، لأنه يقع أمام أرض كبيرة مخصصة لإنشاء حديقة وخدمات ومدارس، ثم صحوت بعد ليل غامض، لتقاجأ بالأرض وقد تمت تجزئتها، ولم تعد من أراضي الدولة، وبيعت على مواطنين مثلك، فذهب مالك المدفوع زيادة، أدراج الرياح؟ ماذا تعمل ببيتك؟
ماذا لو اخترت موقع منزلك بعد دراسة دقيقة، وفوجئت بجارك يغادر دون أن يودعك، وقد قام بتأجير منزله لروضة أطفال، أو مدرسة أهلية، أو لجار جديد، لديه سبعة أطفال بين الواحد والآخر عام واحد فقط، يقضون معظم وقتهم في الحوش خلف سورك، أو يلعبون الكرة في الشارع أمام منزلك، وقد يكسرون مصابيحك أو سيارتك؟ ماذا تفعل ببيتك؟
ماذا تفعل ببيتك، إذا تورطت بجار (غثيث) يقضي على عتبة باب منزله وقتاً أكثر مما يقضيه في صالة الجلوس أو غرفة النوم؟ هل ستضع لوحة: الفيلا للبيع؟
ماذا ستفعل ببيتك إذا كان جارك ممن يقيمون الولائم ليل نهار، وتقفل سيارات ضيوفه جميع أبواب منزلك، حتى باب الكراج، فتخجل أن تذهب إلى منزله كي تطلب منه بأدب أن يبعد ضيفه سيارته أمام باب الكراج حتى تذهب إلى موعدك، لأنك ستتهم بقلة الذوق وعدم اللباقة؟
ماذا تفعل ببيتك إذا كان جارك لا يتوقف عن مضايقتك وهو يوقف سيارته في موقفك أمام باب بيتك؟ ماذا تفعل خاصة حينما تكون مهذباً، في زمن لا يفيد فيه التهذيب؟
أذكر بعض القضايا في بعض دول أوروبا، كبريطانيا، حول حقوق الجار، إما قضية تُقام بسبب كلب ينبح ويؤذي الجار، أو ما شابه ذلك، بينما عندنا يصرخ الأطفال ليل نهار، ويتطاولون على خصوصياتك، دون أن تفتح فمك، وأنت تقول في نفسك: ألسنا مسلمين، ورسولنا أشرف الأنبياء والمرسلين أوصانا على سابع جار؟
رغم ذلك أسألك: ماذا ستفعل ببيتك؟