ناهد باشطح
فاصلة:
((لا يكون المرء مغلوباً حين يعود إلى العقل))
- حكمة فرنسية -
جرب أن تضع «العقل النسوي» في محرك البحث جوجل لتكتشف أن معظم الروابط محجوبة ولا تعرف السبب فأنت تبحث عن معلومات ثقافية فكرية وليست معلومات إباحية!!
مع أنني لا أريد أن أتجه إلى تمييز سياسة حجب هيئة الاتصالات ضد المرأة لكن يمكن أن يكون ذلك مدخلا لحديثي عن بعض الأفكار التي ما زالت تكرس من قبل بعض المؤسسات الحكومية في تعاملها بدونية مع المرأة واعتبارها قاصراً تحتاج إلى الوصاية أو جسداً مثيراً للفتنة يحتاج إلى التخفي حتى لا يفتن الرجال.
المرأة التي خلصها الإسلام حين جاء من الوأد الجسدي تعاني أحياناً من الوأد المعنوي، ويغيب عن الذاكرة الجمعية أن الاستمرار في معاملة المرأة ضمن دائرة الكيان الناقص هو تشويه للمجتمع فالمرأة هي التي تبني أجياله، والتعامل معها في ظل أفكار موروثة ضمن قيم مجتمعية ذكورية سوف لن ينتج سوى امتداد لتاريخ مشوه بدأ منذ زمن الأمويين بتهميش المرأة واستمر في تواتر لتكريس مفهوم دونية المرأة.
لكن بعض المجتمعات العربية أدركت أهمية الجزء الأنثوي في بناء المجتمع، بينما بقينا نحن حتى الآن لا نؤمن بكينونة كاملة للمرأة كإنسان كامل الأهلية، ولا ندرك خطورة عدم إعطاء الثقة للطفلة الصغيرة التي ستكبر وتصبح امرأة تشارك في مجتمعها والأخطر حين نستمر في التشكيك بالمرأة وأنها سبب للخطيئة.
والسؤال كيف ننتظر من كائن تفنن في تشويه عقله ووجدانه وعززنا في ذاته القصور واحتياج دائم إلى الرجل كمكمل للنقص وليس كمشروع تكامل أن يكون قادراً على الثقة بقدراته؟
النماذج النسوية التي ننتقد سلوكياتها ونتعجب من وقوفها ضد حقوق النساء مثلا، هي نتيجة طبيعية أفرزها تعامل المجتمع مع الأنثى في دائرة النقص أو الجسد بعيداً عن التركيز على تنظيف العقل من شوائب ذاكرة عربية مليئة بالخوف والقمع.
ولذلك كلما قرأت خبراً يقصي المرأة عن دورها في المجتمع تذكرت تاريخاً عربياً طويلاً من وأد عقل النساء لن ينتهي إلا بإرادة مجتمعية تعي خطورة إقصاء النساء أو تشويه طاقتهن النابضة بالعطاء.