فهد بن جليد
هو أشهر مُصطلح لإدارة الوقت استخدمه (جيل الطيبين)، لتنظيم لقاءاتهم في وقت مُحدد بين (المغرب والعشاء)، عندما يقول أحدهم (الله يحيكم بين العشاوين)، ويقصد هنا الزيارة التي تبدأ من بعد صلاة المغرب، وتنتهي مع أذان العشاء بقيام الناس للصلاة في المسجد، ولا تتجاوز تكلفتها في العادة (فنجال قهوة)، و(بيالة شاي) وربما تخللتها بعض الفاكهة أو نحوها، ليتبادل فيها الحاضرون الحوار والمُجاملات!.
هي فلسفة البساطة التي عاشها أجدادنا في الماضي (حفظاً لوقتهم)، ومنعاً (للكُلفة) المُبالغ فيها، وتُطبقها اليوم معظم الأنظمة الإدارية الغربية، وكبريات الشركات الاقتصادية العالمية، بصيغ علمية حديثة، عبر تحديد (وقت المناسبة) و(تكُلفتها) التي تتميز بالبساطة عادة، ولا تتجاوز في الغالب (حفلات الشاي) ونحوها، التي ثبت أنها أبلغ وأفضل، وأكثر حميمية، وتأثيراً من تلك (الحفلات الكُبرى) المُبالغ في تكُلفتها!.
بكل تأكيد لدينا عادات اخرى (مُضيعة للوقت)، وغريبة أيضاً، ولربما كانت (مُناسباتنا الاجتماعية) طويلة نسيباً أكثر من غيرنا، وهي خالية عادة من النقاش المُفيد، وتعتمد على (الصمت) بين الحضور، والمجاملات الكاذبة، خصوصاً عندما يحتفظ أغلب الحضور بانتقاداتهم الدائمة، وملاحظاتهم، فإذا كانت أشهر الدراسات الإِنسانية تقول إن البشر ينفقون يومياً ما بين 8 - 10 في المئة من وقتهم على تناول الطعام والمُجاملات، فإنني اعتقد أننا ننفق أكثر من ذلك بكثير، وندّعي اهتمامنا بالوقت!.
فهل نحن نعرف (حفلات الشاي) بمعناها الصحيح، ونُطبقها كما يفعل الآخرون؟!.
المُخجل أن تكلفة مثل هذه المناسبات في - عالمنا العربي والخليجي تحديداً - تبدو كبيرة جداً، حيث يُهدر الكثير من الوقت والجهد وكأنها فرصة سانحة لـ (لصوص) المناسبات والبرتوكولات، الذين جعلوا تكلفة (الفنجال الواحد) في الفنادق إياها، توازي تكُلفة (نصف خروف) بشحمه ولحمه!!.
فلا نحن أدرنا (الوقت) بالشكل (صحيح)، ولا نحن خفضنا (التكلفة)، مما يتطلب العودة لثقافة (بين العشاوين)، لتنتهي بذلك اجتماعات الكثير من (اللجان) المُعلقة، وغير المُنتهية، بعدما تُصبح اللقاءات (تقشفية)؟!.
ربما يتفرغ الكل للعمل، بدلاً من (اللهط) أو (البلع)، الذي تجاوز عند البعض حدود (الفطائر) و(المعجنات)؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.