ناصر الصِرامي
السياسات الخليجية العقلانية ليس لها أن تكون بأكثر من هذا الوضوح والواقعية في التعاطي مع تحولات المنطقة وتحدياتها السياسية الخطرة، فالأهم هو الاستقرار والأمن، واستمرار التطور الاقتصادي لدوله. مواقف سياسية واضحة وتحرك دبلوماسي نشط، أمام تدخل وتمدد إيراني عسكري شمال وجنوب الجزيرة العربية، بهدف تمزيقها ووضعها تحت نفوذ طهران وهيمنتها.
العراق، أشار الأمير سعود الفيصل أن إيران تستولي عليه، وأعلنت دول مجلس التعاون الخليجي رفضها للتدخل الإيراني في العراق، ودعمها للشعب العراقي في مواجهة خطر الإرهاب، وذلك بعد عقد وزراء خارجيتها اجتماعهم في العاصمة السعودية.
الرد الخليجي يأتي في أعقاب واقع على الأرض يعلن النفوذ الإيراني المتزايد والخطر في أرض العراق داخل وخارج سياق دولته ومؤسساته، وهو ما لم يعد سراً أو يتبع تقية سياسية.
علي شمخاني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، وخلال زيارة رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارتن ديمبسي إلى بغداد، وخلال مراسم تدشين المدمرة «دماوند» التدريبية قال إن إيران باتت الآن على ضفاف المتوسط وباب المندب.
تصريحات تأتي بعد يومين من تصريحات لعلي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، قال فيها إن «إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حالياً، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي»، - إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها..!
وأضاف أن «جغرافيا إيران والعراق غير قابلة للتجزئة وثقافتنا غير قابلة للتفكيك، لذا إما أن نقاتل معاً أو نتحد».
ووصف قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال محمد علي جعفري، حزب الله -لبنان- بـ«معجزة الثورة الإيرانية»، متباهياً بالمد الإيراني بالمنطقة، وذلك خلال اجتماع لمجلس الخبراء.
سلسلة تصريحات أطلقها مسؤولون إيرانيون، تتحدث عن المد الإيراني في المنطقة.
أشملها إشادة الجنرال قاسم سليماني، - الذي يقود عمليات الحرس الثوري في الخارج -، بالنفوذ الإيراني المتزايد من العراق إلى سوريا إلى اليمن وحتى شمال إفريقيا.
في العراق أصبحت المليشيا الإيرانية أقوى من الجيش الحكومي، فيما الجيش نفسه يسير بتوجيهات إيرانية لا يستطيع تجاوزها، نفوذ لا يخلو من النفس الطائفي الخطير والقاتل، فقد ندد شيوخ وعشائر قضاء الكرمة في محافظة الأنبار بالممارسات التي ينتهجها الجيش الحكومي والميليشيات التابعة للحرس الثوري الإيراني بحق الكرمة، وشنهم هجوماً عنيفاً، راح ضحيته نساء وأطفال أبرياء، وطال هذا القصف أيضاً منازل المدنيين الآمنين ومزارعهم ومدارس الأطفال وهذا في الكرامة وحدها.
وأصدرت عشائر الكرمة بياناً يشرحون رؤيتهم ويعلنون موقفهم بتأييد أبناء الكرمة المدافعين عن أرضهم وعرضهم ودينهم، وحملوا سياسيي السنة وخاصة أهل الأنبار نتائج الهجوم الكارثي على القضاء، ونددوا بتصريح المستشار الإيراني الذي ذكر أن إيران عادت إمبراطورية وعاصمتها بغداد، مؤكدين عروبتها.
في اليمن حيث تشترك الآلية الإيرانية بنفوذها المتغطرس والمعادي بشكل فج لكل العرب والسنة، وبعد العبث والبلطجية الحوثية- الإيرانية- لكل أجهزة ومقارات الدولة، وبعد أن قتل اشخاص في محافظة البيضاء وسط اليمن، إثر تفريقهم بالسلاح تظاهرة خرجت ضدهم، دشنت قبائل مراد في محافظة مأرب، تجمعاً قبلياً جديداً في منطقة نجد في الجهة الجنوبية الغربية للمحافظة.
وضمت التجمعات مئات المقاتلين من أبناء القبائل المجاورة التي تشهد اشتباكات عنيفة بين قبائلها ومسلحي الحوثي منذ أشهر.
واستعرضت القبائل، خلال التدشين، جزءاً من الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة التي بحوزتها، مؤكدة استعدادها لمواجهة أي طارئ على المحافظة، حيث كانت قد أغلقت جميع حدودها بحشد مقاتليها استعداداً لأي هجوم قد تشنه ميليشيات الحوثي على المحافظة، حيث يحاول الحوثيون الاستيلاء عليها طمعاً بالثروة النفطية التي تمتاز بها المحافظة.
وهو أمر يتكرر الآن، المواجهة بين القبائل، العشائر السكان الاصليين، والمليشيات العسكرية الإيرانية من سوريا ولبنان إلى العراق واليمن حيث الإرهاب الإيراني الذي يرفع شعار معاداة الشيطان الأكبر، وعدوه اللدود الأمريكي!.
لكن للشعارات الزائفة قصة مغايرة تماماً، مقلوبة أيضاً، فقد أصبحت طهران في خدمة واشنطن.. أو في خدمة الشيطان الأكبر!