يوسف المحيميد
انتهى معرض الكتاب أخيراً، وتنفس البعض الصعداء، وقد ترك من يسمون أنفسهم بالمحتسبين بصمتهم، وقلبوا شعار المعرض من التعايش إلى التراشق، وقد مارسوا هوايتهم السنوية بمشاكسة المتحدثين في الندوات، ولاحقوا زائرات المعرض، وضيقوا عليهن بطريقة غير مهذبة، حتى أصبحوا جزءاً من معرض الكتاب ومن الندوات، رغم أن لا علاقة لهم بالكتب، ولو قرأوا لتغيرت أفكارهم ورؤاهم، ولكانوا أكثر رقياً وتسامحاً، وأصبحوا يتخذون المقاعد الأولى من الندوات، رغم أنهم لا يدركون معنى المسرح، ولا الرواية، ولا علاقة لهم بالآداب والفنون، لا من قريب ولا بعيد، فلا أحد يعرف لماذا يحضرون بمشالحهم، بطريقة غريبة، وجماعية، ولا يكتفون بالندوات وأجنحة المعرض وممراته، بل يطوفون حتى حول فندق الضيوف، وفي بهوه، ويتخذون مقاعدهم في المقهى الثقافي، دون أن يشاركوا في الحوار التلقائي بين المثقفين!
فما قام به هؤلاء من مقاطعة الدكتور معجب الزهراني في إحدى الندوات، وإيقاف المحاضرة، والصعود فوق منصة المسرح، وإقامة الصلاة على المسرح، وكما لو كانوا يصلون في أرض محتلة، إنما هو أمر محزن، ويجب الوقوف أمامه، فليس من المعقول أن تتكرر هذه الممارسات في كل معرض كتاب، وعلى مدى سنوات طويلة، دون أن يتم إيقافها، واتخاذ قرار حازم بشأنها!
الواضح أن هؤلاء حدّيون وقطعيون، لا يقبلون الرآي الآخر، ولا ينصتون له، بل يقومون بنسف الرأي المختلف ومحاولة تكميمه، وهو ما حدث حول تأييدهم لتدمير الآثار في العراق، حينما أبدى المحاضر أسفه لما حدث من تدمير الآثار والمتاحف!
لقد كان هؤلاء حاضرون بقوة، ومشاغبون، حينما كان المعرض يقام في المروج، أمام الخطوط السعودية، فاضطر المسؤولون في إحدى السنوات إلى جعل المحاضرات عن القراءة والكتاب فقط، في محاولة منهم لتحاشي الاصطدام بهؤلاء، عند استضافة شخصيات مهمة ومؤثرة.
للأسف، باتت صور هؤلاء منتشرة في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، فأحدهم يجابه رجل الأمن بذراعه، والآخر يرسل الكلمات البذيئة للمحاضرين، والبقية يصلون على منصة المسرح، فباتت صورهم منتشرة في العالم العربي، وأصيب العرب والأجانب بالصدمة والخيبة، وأبدى معظمهم دهشته، كيف يعيش هؤلاء؟ ومن أين أتوا؟ ولماذا لا تُتخذ بحقهم إجراءات صارمة؟ لماذا يمتلكون الوصاية على المجتمع؟ وعلى فكره؟
لقد نظمت وزارة الثقافة والإعلام هذا المعرض، وهي تحمل وردة بيد، وبالأخرى كتاباً، وجاءت تحلم أن تسهم في تثقيف المواطنين، لكنها فوجئت بمن يدهس الوردة، ويحرق الكتاب