كتب أ. أزهر اللويزي مقالة رائعة عن قيمة الصديق فاقرأها بتمعن:
الإنسان مخلوق اجتماعي لا يستطيع العيش منفرداً بوحده أو منعزلاً عن بني جنسه، ومن هنا جاءت حاجته الماسة والملحة إلى اتخاذ أصدقاء محيطين به يؤانسونه ويشاركونه أفراحه ويواسونه بأتراحه.
وقبل أن ألتقي بك وأجالسك أستطيع أن أعرف من أنت ؟ تقول لي كيف ؟ وهل لديك فراسة؟ أقول لك : قل لي من تُصاحب أقل لك من أنت!.
أما سمعت المثل الذي يقول: الصاحب ساحب، والمثل الآخر يقول: الطيور على أشكالها تقع.
من خالط العطار نال من طيبه
ومن خالط الحداد نال السوائدا
الإنسان اجتماعي بطبعه لا بد له من مخالطة بني جنسه فهو بخيارين إما أن يصاحب فيؤثر أو يتأثر والخيار الثاني أن لا يصاحب فيعيش في سجن العزلة ويقيد بأغلالها.
وأنا أطرح عليك سؤالاً حاول أن تجيب عليه قبل أن أجيبك، ما هو أول عمل قام به النبي صلى الله عليه وسلم حينما قدم المدينة المنورة؟
الجواب المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، هذه المؤاخاة أول خطوة لبناء مجتمع فاضل صالح قائم على أساس الأخوة في الله لا على أساس النفعية والمصلحة وأغراض دنيوية زائفة.
وأنا أطرح عليك سؤالاً ثانياً حاول أن تجيب عليه قبل أن أجيبك: ما هي أول كلمة قالها الرسول صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة حينما التقى بهم؟
الجواب : «يا أيها الناس أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام». هذه الكلمات النبوية ركائز تركبت منها اللحمة الاجتماعية وتعايشت وتفاعلت بالحياة في جو يسوده الود والمحبة والسلام.
وقد طلب النبي موسى عليه السلام من الله عز وجل الصحبة (اختيار الصديق) لأهميتها وضرورتها قال تعالى: {وَاجْعَل لِّي وَزِيرًا مِّنْ أَهْلِي هَارُونَ أَخِي اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا}. ولما بعث الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم أوجد له صاحباً صادقاً وفياً مخلصاً اسمه أبو بكر الصديق رضي الله عنه.
وقد علمنا الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: «لا تصاحب إلا مؤمناً ولا يأكل طعامك إلا تقي». رواه أبو داوود
أي انتق الأصدقاء الأخيار ولا تصاحب الفساق والأشرار ولا تقرب عليك فتدخله بيتك ويأكل طعامك إلا من عرف بالتقوى.
فالبيئة والصحبة مهمة جداً للإنسان ولهذا تجد القرآن الكريم يعلنها بصورة واضحة بارزة للجميع: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ}. وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: عليكم بالإخوان فإنهم عدة في الدنيا والآخرة ألا تسمع إلى قول أهل النار: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلَا صَدِيقٍ حَمِيمٍ}.
هل عرفت قيمة الصديق والأصحاب؟ والآن قل لي من هم أصحابك ؟ هل هم أخيار أم أشرار؟.
هل وجدت الصديق الحقيقي؟ الذي تكون معه كما تكون وحدك، وهو الذي يقبل عذرك ويسامحك ويسد مسدك في غيابك ويكمل نقصك ويبصرك بعيبك وينشر حسنتك ويدفن سيئتك.
ولقد أنصف من قال: الصديق الحقيقي هو الذي يأتيك حتى عندما يتخلى عنك الجميع.
لا خير في خل يخون خليله
ويلقاه من بعد المودة بالجفا
وينكر عيشاً قد تقادم عهده
ويكشف سراً كان بالأمس قد خفا
سلام على الدنيا إذا لم يكن بها
صديقاً صدوقاً صادق الوعد منصفاً
ابحث عن الصحبة الصالحة فستجدها وعندها عض عليها بالنواجذ فهو منحة إلهية وهبة تستحق التثمين.