صدر هذا الأسبوع كتاب (المنافسة على القمة وتحول القوة نحو الشرق: تطور النظام الدولي منذ سقوط الاتحاد السوفيتي) من دار جداول للنشر، كتاباً جديداً وهاماً عن تطور العلاقات الدولية منذ سقوط الاتحاد السوفيتي، إلى الآن، مع نظرة مستقبلية للأعوام والعقود القادمة، وتحول مركز القوة، على الأقل اقتصادياً في الوقت الحاضر، من الغرب الذي يعني أوروبا وأمريكا، الذي سيطر على العالم لستمائة سنة، إلى الشرق الذي بدأ يأخذ الريادة، اقتصادياً، وعلمياً في الوقت الحاضر، وربما سياسياَ، وثقافياً، وعسكرياً في المستقبل.
ويسعى الكتاب إلى الإجابة على سؤالين هامين: الأول، ماذا حدث بعد سقوط الاتحاد السوفيتي؟ والآخر، ماهو وضع ومستقبل العالم الآن؟
فبعد سقوط الاتحاد السوفيتي، أصبحت الولايات المتحدة لها السيادة المطلقة على العالم (سياسياً، وعسكرياً، واقتصادياً)، وأُطلق عليها «هيابر بور» أو «القوة العالمية المطلقة، التي ليس لها مثل، لا في السابق، ولا في الحاضر».
ومثّلت أحداث 11 سبتمبر، لدغة للثور الأمريكي، من قبل ذبابة أو بعوضة تسمى القاعدة، بحيث أخذ الثور يتخبط، ويخرج عن طوره، وهاجم أفغانستان لسبب واضح، وجود القاعدة هناك، ولكنه هاجم العراق بدون سبب، وتم اختلاق الأسباب، في عملية تضليل للرأي العام الأمريكي والعالمي لم يسبق لها مثيل، والتخبط الأمريكي في العراق، دمّر هذا البلد، وأضر بأمريكا، حيث مثّل أكبر فشل تواجهه القوة الأمريكية سياسياً وعسكرياً منذ بروزها كقوة عالمية كبرى بعد الحرب العالمية الثانية، أكبر من فشلها في حرب فيتنام.
والنكسة الثانية لمركز أمريكا العالمي، كانت اقتصادية/ مالية في عام 2008، حيث أثرت على الوضع المالي والاقتصادي الأمريكي داخلياً وخارجياً، وأدخلتها في دوامة لازالت تعاني منها إلى اليوم، ولعدة سنوات قادمة.
ويمضي الكتاب في الحديث عن تغير النظام الدولي، وظهور الصين كقوة عالمية هامة، تعمل بهدوء وتمعن، لكسب النفوذ والقوة، بحيث تتعدى القوة الأمريكية اقتصادياً قبل نهاية هذا العقد، وفي الغالب في الجوانب الأخرى، قبل منتصف هذا القرن.
ويحلل الكتاب القوى العالمية الرئيسة التي تشمل: الهند، روسيا، البرازيل، المجموعة الأوروبية، اليابان، كما يخصص فصلاً للقوى الإقليمية ودورها المتنامي في النظام الدولي، والتي تشمل جنوب إفريقيا، تركيا، السعودية، إيران، وأندونيسيا. ويشير الكتاب إلى أن المستقبل يؤثر فيه ثلاثة عوامل، الأول، المصالح والتطلعات الاقتصادية، للشعوب والدول، والثاني، المقدرة العلمية والتعليمية والتقنية التي تجعل الدول أكثر مقدرة على المنافسة والتقدم، والثالث، إدارة الدولة، أو الإدارة الحكومية، التي يجب أن تكون مرنة، منتجة، غير فاسدة، ويشير الكتاب إلى أن العلاقات الدولية تزداد قوة وتداخلاً، بحيث يصبح من الصعب حدوث حروب كبرى، ولا حتى متوسطة، لأن الضرر من جميع جوانبه سيكون على الجميع، والفائدة ستكون محدودة، هذا إن وجدت.
إلا أن العالم، سيكون عرضة للكثير من المفاجآت التي تعتبر ثانوية في مجملها، مثل ماحصل خلال السنتين الماضيتين، (الصراع على أوكرانيا، ظهور داعش، ودولة الخلافة، انهيار أسعار البترول، أزمة اليونان).
والكتاب من تأليف الدكتور إبراهيم بن عبدالعزيز المهنا، المستشار بوزارة البترول والثروة المعدنية حالياً، والمتخصص في الدراسات الدولية، ولديه تجارة عملية واسعة، ككاتب وباحث، نُشرت له عشرات المقالات والأبحاث باللغتين العربية والانجليزية، وألقى عشرات المحاضرات في مختلف أنحاء العالم.