د. عبد الله المعيلي
صحيح أننا في زمن قلَّ فيه القادة، القائد الذي يجسّد معاني القيادة بأجلّ صورها، وأسمى معانيها، القائد الذي تتكامل فيه السمات الفطرية والسمات المكتسبة في آن واحد، وهذه مما يقل توافرها في الشخص الواحد، فالسمات الفطرية المتمثلة في بشاشة الوجه، وحسن التعامل، والتقدير والاحترام، سمات تُولِّد قبولاً وارتياحاً نفسياً لدى الآخر من مجرد الرؤية أو ذكر الاسم، وعندما يصاحب هذه السمات ويعززها خبرة جليلة، وتنشئة كريمة، ومصاحبة القمم الناضجة فكرياً وممارسة، كل هذا مدخلات صنعت من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان نموذجاً قلَّ أن تجد له مثيلاً بالصفة المتوفرة لديه من تكاملها وتوازنها، لا سيما وأن بعض هذه السمات وإن اجتهد في اكتسابها بالتدريب يتعذر تكوينها بالصورة المثلى.
الملك سلمان شخصية ليست بحاجة إلى مدح وثناء، وعدّ محاسن وفضائل، وتسليط الأضواء على المواقف، لأنه تجاوز هذا كله، تجاوزه سناً، وتجاوزه مقاماً، وفي الوقت نفسه هو ليس بحاجة إلى من يؤكد هذا أو يشير إليه، وإنما نشير إليه ليُؤخذ في الحسبان والاعتبار عند التعامل معه، وعند إنجاز المهمات التي يتطلع إلى تحقيقها من قِبل القادة الذين اختارهم على رأس الأجهزة الحكومية المختلفة.
وعلى الرغم من أن المملكة على أبواب مرحلة من التطلعات التنموية الطموحة إلا أنها وعبر تاريخها المجيد كله تؤكد على لسان قادتها الملوك الكرام أنها قامت على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، هذه ثابتة من الثوابت التي يجب أن نحمد الله تعالى عليها، ففي هذا الالتزام والثبات أمان لهذه البلاد وأهلها من الفتن والقلاقل والزوابع التي عصفت وما زالت تعصف بالكثير من الدول التي تخلت عن دينها الذي يُعد مصدر عزها، وعن هويتها التي تُعد مصدر تميُّزها وفخرها.
من المعلوم المتواتر المعروف الثابت عن خادم الحرمين الملك سلمان أنه في كل مناسبة ومقولة يؤكد - يحفظه الله - أن هذه البلاد المحروسة قامت على كتاب الله وسنة رسوله، منذ انطلاقتها الكريمة على يد الإمام محمد بن سعود - يرحمه الله - وهذا التنويه والتأكيد يبعث في نفوس أبناء هذه البلاد الطمأنينة والأمن والراحة والبشر والتآلف والتآزر، وجعلهم ينعمون بالأمن والرخاء والاستقرار ووحدة القلوب والصف.
أشهد أن خادم الحرمين يكره كلمات التبجيل والتفخيم والمجاملة، ويفرح كثيراً لمن يطرح رأياً نافعاً، أو فكرة تعالج الأخطاء، وتعزز مسيرة التنمية والإصلاح، فقد كان يتواصل مع المتفاعلين مع مجلس منطقة الرياض أصحاب الرأي والفكر بخطابات الثناء وبيان أن وجهة النظر التي قدمت محط الدراسة والعناية بغض النظر عن مناسبتها وتوافقها مع التوجهات العامة.
وأذكر أنه عندما تبدأ اللجان المتخصصة في مجلس منطقة الرياض طرح موضوعاتها، يوجه قارئ المحضر بالتوقف عند كل موضوع كي يتيح الفرصة لمن يرغب في مداخلة أو إضافة أو اعتراض، وعندما يتبين له الإحجام والوجوم على وجوه الحاضرين، يبادر هو إلى التشجيع والدفع واستحلاب الأفكار بروح تخفف من وطأة الهيبة وجلال الموقف الذي يجعل الكثير من الحضور يؤثر السكوت على التعليق والمداخلة، وهو بهذا النهج يُشكّل هوية المجلس وفلسفته، مجلس حوار ومناقشة وبلورة رؤى تحقق النفع العام للوطن والمواطن.
إن هذه المرحلة الجديدة في تاريخ هذه البلاد العزيزة، تقتضي أن يضع الجميع أمام ناظريهم هادياً ومرشداً كونها ملتزمة بكتاب الله وسنة رسوله، وكفى بهذا دليلاً وهادياً إلى كل خير، ومانعاً وحاجزاً أمام كل صور الشر والفتنة والبغي والعدوان والتعدي والظلم، ففي هذين المصدرين ما يعين المرء الساعي بإخلاص على التوفيق، ويساعده على صناعة النجاح الذي يتطلع إليه الوطن والمواطن.