تبّت أيدي الدواعش وشلّت، خابت وخسرت، خسئت واندحرت، إنها من أبشع الفرق المنحرفة الخارجة الباغية الخائنة، الضالة المضلّة، التي يتلذّذ أفرادها المنحرفون فكرياً وعقدياً وسلوكياً بسفك الدماء البريئة المعصومة، ورؤية الأشلاء الممزقة، فرقة خارجة عن الإطار البشري السوي، إلى إطار حيواني همجي، بل أضل من الحيوان وأعمى منه بصراً وبصيرة، لأنهم بسلوكاتهم المنكرة البشعة، تفوقوا على الحيوانات التي قد تعذر بغلبة فطرتها التي لا تميز ولا تفرق بين حق وباطل، بينما هؤلاء الخوارج يزعمون أن جهادهم إنما هو في سبيل الله، والجهاد في سبيل الله له قواعده وأصوله الشرعية فهو منهم براء.
لقد تفوّق هؤلاء الخوارج البغاة على أسلافهم السابقين في الإصرار على الضلال والتمادي فيه، وفي تجنيد الشباب والأطفال والنساء وتشجيعهم على قتل أنفسهم، وعلى الانتحار تحت رايات شيطانية، واستثارة عواطفهم وتشويهها، مستغلين جهل هؤلاء الشباب ومن في حكمهم بالأمور الشرعية الصحيحة التي تحرم قتل النفس، والتعدي على الضرورات الخمس التي تكفل الإسلام بحفظها والمحافظة عليها.
ومما زاد من الألم والإيلام، كون هؤلاء البغاة الخوارج من أبناء هذا البلد الكريم، الذي يرفض هذه الأفعال الشنيعة بل يحاربها، وكونهم يدعون كذباً وبهتاناً وزوراً أنهم يقصدون بأفعالهم البشعة هذه، تعبداً لله وتقرباً، ونصرة للحق ودعماً، ومحاربة للكفر ودحراً، منتهى البشاعة والتشويه والتحريف والانحراف عن الصراط المستقيم، حيث لا يخفى ارتدادهم، وكونهم أداروا ظهورهم عن محاربة الأعداء، وتوجهوا بمتفجراتهم وأدوات قتلهم إلى أهليهم وذويهم الآمنين، وإلى ديارهم التي عُرفت بوسطية منهجها، وسلامة معتقدها، وتفاعلها مع قضايا أمتها، ديار تربوا على ثراها وأكلوا من خيراتها، وقابلوا هذا كله بالنكران والجحود الذي يُعد من سمات الجبناء اللئام الذين لا خلاق لهم.
في البدء يلجأ هؤلاء البغاة إلى تأويل النصوص الشرعية الواضحة دلالاتها، التي لا يزيغ عنها إلا هالك، حيث يغذون عقول الشباب الأغرار بمفاهيم مغلوطة مكذوبة مشوهة، فيقلبون الحق إلى باطل، والباطل إلى حق، حسب أهوائهم المريضة المنحرفة، وتحت ظلال هذه التأويلات المنحرفة، يصوغون نظرياتهم، ومن ثم يسخرون شياطينهم في اصطياد الشباب الأغرار الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة، ليختلوا بهم في الاستراحات المغلقة، حيث تبدأ عمليات التكوين المعرفي الضالة، بدءاً بتشويه الواقع، وإثارة عواطف الغضب والكراهية، والتشكيك في العلماء، والطعن في ولاة الأمر ومن يواليهم، ليزينوا بعد ذلك ويسهلوا تمرير مفاهيم التكفير والتفسيق، وعمليات الانتحار المحرم، والقتل والتفجير التي تزهق فيها الأنفس الآمنة البريئة.
إن محاربة هذا الفكر الضال المضل، يبدأ من التشخيص الصحيح لمدخلاته، فمما لا شك فيه أنه فكر دخيل، وهذا ما يجب التنبه له، البعض ما زال يصر على أن التعليم سبب رئيس في صناعة هذا الفكر، بينما ثبت لدى من شارك في برنامج المناصحة، أن هؤلاء البغاة يعترفون صراحة، أن المحتوى التعليمي الذي يتلقونه في المدارس براء من فكرهم وضلالهم، قد يكون من بين منسوبي التعليم من يؤمن بهذا الفكر ويدعو إليه، وهنا يجب التفريق بين المحتوى التعليمي المضمن في المقررات الدراسية الذي يلتزم بسياسة التعليم ومنهجها الوسطي المعتدل، وبين ناشز هنا أو هناك يغرر الشباب ويضلهم تحت أجنحة الظلام كما خفافيش الليل، كما أن هناك من يظن أن الخطاب الديني الذي يتبناه البعض سبب في نشوء هذا الفكر الضال، بينما الحقيقة تتجلى واضحة أن هذا الفكر صناعة دخيلة لا علاقة له بما تؤمن به المملكة العربية السعودية ويدعو إليه دعاتها، هذه الدولة المباركة التي قامت على شرع الله وتوحيده وفق منهج وسطي معتدل ملتزم بهدي القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة، حيث لا غلو ولا مغالاة ولا تكفير ولا تفسيق.
فتشوا عن أصول هذا الفكر الضال ومصادره، حتى لا تخطئوا الطريق، وتضيع جهود المعالجة بين لائم هنا وهناك وصانع الفكر آمن يتفرج.