«من ذمتي لذمتكم».. هذه العبارة وجّهها الملك عبد الله بن عبد العزيز - يرحمه الله - للمسئولين من وزراء وغيرهم في مناسبة مشهودة. كان يقصد بها وضعهم تماماً أمام مسئولياتهم في خدمة الوطن والمواطنين، وحثّهم على بذل أقصى طاقاتهم لتحقيق إنجازات طالما تطلعت لها القيادة وانتظرها الناس، وهي عبارة تحفيزية لمضاعفة الجهد والإخلاص في العمل، وكأنه - يرحمه الله - يقول لهم: أنا لم أقصر في شيء اخترتكم وطرحت ثقتي بكم ومنحتكم الميزانيات الضخمة وبقي دوركم في بذل الجهد وتحقيق النتائج الملموسة على أرض الواقع، وليست الإنجازات المكتوبة على الورق أو إنجازات التصاريح والفقاعات التي تتمخض عن كلام يطير في الهواء.
اليوم يتكرر نفس الموقف مع اختلاف العبارات والصيغ لكن يبقى الهدف لا يتبدل. غرّد الملك سلمان عبر حسابه في تويتر بعبارات تحمل كل الخلاصات، وفي سياقاتها نفس التوجيهات، وتحمل في مضامينها توصية خاصة لمن تم اختيارهم بتحقيق التطلعات من أجل مصلحة الوطن. يقول - يحفظه الله - «بالأمس أقسم أمامي رجال اخترتهم لنهضة الوطن، والمؤمل فيهم الخير وقد اجتمعنا اليوم بمجلس الوزراء وأوصيتهم بالمواطنين وتحقيق ما نتطلعه لوطننا».
الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله - رجل السياسة والخبرة الإدارية العريضة والملم بكل تفاصيل وطنه بحضوره الدائم ومتابعته لكل ما يجري في الساحة، دقق في الاختيار من أجل أهداف وطنية تسمو فوق أي اعتبارات، فالرجال الذين وضع ثقته الكاملة فيهم على قدر من المسئولية والتأهيل والخبرة.. أغلبهم جاؤوا من القطاع الخاص، وهو قطاع كما نعلم غير مقيّد بالأداء الروتيني ولا البيروقراطية المعيقة للعمل، لذلك تتطابق مواصفات الوزراء الجدد مع هدف الملك الذي اختارهم من أجل تحقيقه وهو نهضة الوطن، ودون شك يدخل ضمن هذا الهدف الكبير أهداف كثيرة ومتشعبة، ومنها على سبيل المثال: تحسين الأداء من أجل جودة نوعية عالية وهذا يستدعي تطبيق الأنظمة واللوائح وصولاً للانضباط التام في العمل، والجودة في العمل لا يمكن تحقيقها دون تطوير الأساليب والأدوات، وتطبيق سياسات الترشيد لوقف الهدر المالي، وأيضاً تنظيم كافة القطاعات والوحدات كي لا تحدث ازدواجيات لا تخدم المصلحة العامة، ولعل إلغاء كثير من المجالس ودمجها في مجلسين رئيسين إضافة لدمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي في وزارة واحدة يأتي في سياق التنظيم المطلوب وتوحيد الإجراءات، وتحقيق أكبر قدر من التنسيق. نهضة الوطن التي ينشدها الملك سلمان أيضاً ستتحقق - بإذن الله - في حال تمكن الوزراء سواء الجدد أو القدامى من حل مشكلات قائمة منذ زمن طويل، منها ما يتعلق بجودة مخرجات التعليم، وجودة الخدمات الصحية وإصلاح آليات القضاء، وأنظمة الخدمة المدنية وتوظيف العاطلين للحد من البطالة والفساد الإداري والمالي وإصلاح وضع العمالة الوافدة وغيرها من مشكلات استمرارها سيعطل نهضة الوطن التي ينشدها ملك البلاد.
الملك سلمان اختار وطرح الثقة ودعم وأوصى، ولتحقيق رؤيته وتطلعه، فالمؤمل الآن في الوزراء مضاعفة الجهود والعمل الدءوب من أجل نهضة الوطن.