في موقف شهير للرئيس المصري الراحل أنور السادات، أن أصدر قرارًا بإغلاق المحلات التجارية في التاسعة مساءً، وبعد أن تم تنفيذ القرار لوحظ زيادة مُعدل النساء الحوامل، وكان هذا واحد من الأسباب «السلبية» التي أدت إلى التراجع عن هذا القرار، فلم تكن مصر على استعداد لزيادة عدد سكانها أكثر من النسبة المرتفعة أساسًا. أعتقد أنه لو خرج هذا القرار لدينا إلى حيز النفاذ فسنلتمس النتائج السلبية بسرعة أعلى مما نتخيل، وأولى هذه السلبيات النظر إلى التجربة المصرية وأتوقع أنه سيكون عام الانفجار السكاني وزيادة نسب الحوامل والمواليد، في وقت نحن بأمس الحاجة فيه إلى ترشيد الإنجاب ونشر فكرة التباعد بين إنجاب مولود وآخر، وبرامج توعوية لتنظيم الأسرة وتوعية المقبلين على الزواج على أهمية التخطيط المبكر للإنجاب وممارسة السلوكيات الصحية للإنجاب لضمان سلامة دائمة للأم والطفل والأسرة بأكملها.
كثير من النتائج السلبية لهذا القرار ذكرتها في مقالات سابقة وكنت أكتب عنها مذ عامين أو أكثر، لذا لست بصدد إعادة ذكرها اليوم، إنما أردت أن أستكمل بعض الأفكار التي سردتها في وقت لاحق. وأود التذكير أن مثل هذه القرارات لا ينبغي أن تُنفذ على طريقة (خذوه فغلوه) أو أن الرأي الآخر ليس له قيمة، وإن كنّا نريد أن نقوم بتقليد الدول الأوروبية التي تقوم بإغلاق محلاتها باكرًا، فلماذا لا نقوم بتقليد الدول الآسيوية مثل الصين وهونغ كونغ وسنغافورة، حيث تبقى المحلات لديهم مفتوحة إلى ساعات الصباح الأولى، أظن أن كل دولة تقوم بتنظيمات تتوافق مع بيئتها واحتياجات أفراد مجتمعها، فالأوروبي مثلاً يذهب إلى السوق لشراء حاجة معينة ويخرج، أما نحن فنذهب إلى السوق للترفيه ولعل الأسبوع الماضي وهو أسبوع إجازة يشهد على العدد الكبير من الأسر والشباب الذين ارتادوا الأسواق بغرض الترفيه، الشخص الأوروبي لا يذهب إلى السوق للترفيه لأن لديه أماكن ترفيه مخصصة، أيضًا احتياجاته من الترفيه تختلف عن احتياجات السعودي، من هنا فتقليد دول معينة دون النظر إلى خصائص الشعوب هو تقليد أعمى، سيثبت فشله سريعًا، وأنا واثقة أن هذا القرار لو تم تنفيذه فسيفشل، لأن نبتة الفكرة من الأساس فاشلة مع مجتمع مثل مجتمعنا!
أود الإشارة كذلك إلى نقطة مهمة معمول بها في بعض الدول العظمى كالصين، وهي أنه عند صدور أي قرار من هذا النوع، تتم تجربته في منطقة معينة قبل تعميمه على الجميع، وذلك بهدف قياس نتائج هذا القرار والتأكد من نجاحه ليتم تعميم القرار، أو فشله فيتم سحب القرار. أتصور أن تجربة هذا القرار في مناطق محددة وقياس نتائج تطبيقه قبل تعميمه قد يكون الأفضل، ولا يمنع تدشين صفحة على الانترنت لعمل استفتاء والاستعانة بنتائج الاستفتاءات الالكترونية التي أجرتها بعض الصحف.
عندما نتفكّر في بعض القرارات نجد أنها تُغلّب المصالح الخاصة على العامة، والمصلحة الخاصة في قرار إغلاق المحلات في الساعة التاسعة تعود إلى وزارة العمل -فقط- لتزيد سجلاتها بنسب السعودة، وإن كانت وهمية!