من تابع الصحافة، والإعلام السعودي، قبل أسابيع مضت، سيجد مئات المقالات التي تحلل خسارة منتخبنا الوطني، وعشرات البرامج الفضائية التي تحاول فهم انهيار المنتخب وسقوطه مبكراً في آسيا، وخروجه من دوري المجموعات لهذه البطولة، التي كنا يوماً أسيادها، ومن حق جميع المحللين طرح مختلف وجهات نظرهم، حتى لو كانت متطرفة، أو شاذة، لأننا لا يمكن أن نكمم الأصوات الإعلامية في زمن الإعلام المفتوح!
وقد لا نجد سوى التباكي في معظم هذه التحليلات، أو الأهواء في هذه الحوارات، ولعل الأمر يزداد سوءا حينما يستضيف البرنامج صوتين إعلاميين، ولا يُكرّس الجمهور انتماءاتهما فحسب، وإنما حتى مقدم البرنامج يفعل ذلك أحيانا، ومع ذلك كل هؤلاء الإعلاميين ببرامجهم الفضائية، وكل الكتّاب الصحفيين في صحفهم، لا نستطيع - كمتابعين - القبض على أسباب تردّي مستوى المنتخب، وضعف أداء لاعبيه، خلافاً لمستوياتهم مع أنديتهم، خاصة حينما يلعبون مباريات كبرى، من خلال هذه التحليلات والمقالات!
بينما يمكن اصطياد هذه الأسباب من أصحاب الإخفاق نفسه، من اللاعبين، والطاقم الفني والإداري، وكم أتمنى لو استطاع أحد البرامج تجميع مقاطع حوارات من هؤلاء، وجمعها من بعض، وعرضها على المشاهد، كي نرى كمية الإحباط، والتردي، وعدم الثقة، في أحاديثهم، من جهة، ومن جهة أخرى عدم انصهار هؤلاء اللاعبين في عالم المنتخب، والشعور بأنهم في فريق واحد، يدافع عن ألوان الوطن، بعيداً عن ألوان الأندية!
سمعت تصريحات أكثر من لاعب، سواء بعد المباراة مباشرة، أو بعدها بأيام، وشعرت أنهم لا يلعبون تحت ضغط، كما يشير كثير من معلقي المباريات، وإنما تحت كمية هائلة من الإحباط، والشعور بالضعف والعجز والهوان، وهي صورة سلبية لم تتلبس المنتخب في مختلف مراحله منذ ثلاثين عاماً، وأكثر!
كأنما الجميع كانوا متفقين، أننا أحضرنا مدرباً طارئاً، لمهمة ثلاث مباريات فحسب، ليس اللاعبين وحدهم، بل حتى اتحاد القدم، الذي يهوّن الخسارة والخروج المر، ويبرر بأن المدرب لم يأخذ فرصته جيداً، دون أن يجيب هذا الاتحاد، لماذا ظل مكابراً أمام انتقادات الوسط الرياضي للمدرب السابق لوبيز؟ ويزداد الأمر سوءاً حينما يقول رئيس الاتحاد، بأنهم ليسوا وحدهم من خرج من الأدوار التمهيدية، وكأنه يشير إلى الفرق الخليجية الأخرى التي خرجت أيضاً، وهذه نظرة متواضعة للغاية، ومحزنة، إذا كان من يقود المنتخب لا يدرك أن منتخب بلاده غير، منتخب يتكئ على سجل مشرف جداً، تراوحت مكانته بين بطل ووصيف، ولابد من تدارك وضعه، وإنقاذه، وتدخل الرئيس العام لرعاية الشباب، خاصة أننا نمتلك عناصر مهارية رائعة، لكنها للأسف لم تحظَ بإدارة متمكنة لتوظيف إمكاناتها.