بعد خمسة وعشرين عاماً من إغلاق السفارة السعودية، فمن المنتظر أن تفتح السفارة أبوابها مرة أخرى، في العاصمة العراقية «بغداد»، وإنشاء قنصلية عامة في «آربيل»، بعد خطوات جدية اتخذت من جانب الرياض وبغداد؛ لتحقيق التقارب بين البلدين. وفي تقديري أن عودة العراق بحاجة إلى الدعم العربي، والإسلامي، والعالمي، وتصميم دول المنطقة، وعلى رأسها السعودية، على الخروج بالعراق من كبوته، والدخول به نحو العمق العربي، ستشكل منعطفاً هاماً في تاريخ العرب، بل واختراقاً عربياً للتدخلات الإيرانية في العراق، وستصبح العراق بوابة مع دول الخليج في ترتيب البيت العربي، بعد أن يُقضى على نظام المحاصصة الطائفية، وتُستعاد عروبة العراق؛ ليحل محلها الحفاظ على مبدأ السلمية.
عندما نتحدث عن عودة العراق إلى حضن البيت العربي، فإننا سنتحدث بالتأكيد عن حلحلة خيوط العملية السياسية، والاقتصادية، والأمنية، والاجتماعية في العراق، والتي كانت في يد ملالي النظام الإيراني، وأجهزتهم السرية، وسنتحدث أكثر عن المضي قدماً في العمل على تلاشي الخلافات المذهبية، والعرقية، والطائفية، التي أفرزها التدخل الإيراني، وعملت -بالتالي- على سهولة التدخلات الإقليمية، والدولية في تحديد مستقبل العراق.
إيران دولة معادية في سياساتها الخارجية، وتدخلاتها المقيتة، وهي تتطلع للهيمنة الإقليمية على حساب الدول العربية، والإسلامية، وذلك من خلال تبني مشروع إحياء الإمبراطورية الفارسية الصفوية. فمنذ الغزو الأمريكي للعراق، والعراق يعاني من الفراغ السياسي، والأمني، ومن تصارع الطوائف، والعرقيات فيما بينها، فساعدت هذه العوامل على إعطاء دور أكبر للتدخلات الإقليمية، والدولية في تحديد مستقبله، بعد أن لعبت على وتر الانقسامات الطائفية.
إن عودة العراق، هو جزء من مسيرة الإصلاح إلى النظام العربي.. والعراق -اليوم- لديه الفرصة؛ للتخلص من داء الطائفية، التي هيمنت على تفكير، وسلوك سياسييه، غير المأسوف على رحيلهم، من الذين تحركوا بروح الطائفية الصرفة، وبدواعي العمالة المزدوجة لواشنطن، وإيران. وعندما تتحقق هذه العودة، والتي تعتبر خط السير نحو المستقبل، وإعادة تشكيل العراق على أسس صحيحة، بعد أن بات على مفترق طرق، فإن حسم الأمور في ضوء متطلبات الأمن القومي العربي، ومراجعة الأجندة، والعلاقات الإقليمية، والدولية، لن تكون إلا على أساس: أن الأمن العربي واحد.