التحولات غير المسبوقة التي اكتسحت جزءاً كبيراً من المنطقة، أفرزتها تداعيات ما يُسمى بـ»الربيع العربي», والتدخلات الإيرانية في المنطقة، وصناعة الأزمتين - السورية واليمنية -، والتي انفرط عقدهما - السياسي والاجتماعي -، بعد أن تحولتا إلى ساحة للصراع - الدولي والإقليمي - ؛ من أجل تصفية الحسابات، جعلت من الحراك السياسي غير المسبوق للسعودية، واقعاً ملموساً في تقليص حجم التدخلات الخارجية، - إضافة - إلى أسلوب التدخل غير المتماشي مع ثبات المصالح العربية.
ثمة أبعاد إقليمية، ودولية، تؤكّد هذه الحقائق، باعتبار أن هذه التحديات المسبوقة، ستؤثِّر نتائجها السلبية على مستقبل المنطقة لسنوات قادمة، بعد مرحلة حلّ المعضلات السياسية. وأخشى أن تبقى أسيرة لمرحلة ما بعد أفول المشاريع التوسعية - الأيديولوجية والسياسية -، وبما تحمله من إرهاب، واضطرابات بنيوية، ومخاطر أمنية. وهنا يأتي دور السعودية، والتي لعبت دوراً محورياً على نحو إيجابي التأثير الفاعل في السياستين - الإقليمية والدولية -، كونها تشكل جزءاً مهماً من الخيارات، التي يمكن أن تتحكم في مسار المنطقة عموماً.
إن تعزيز مظاهر الوحدة في السعودية، قائم على الحفاظ على المنجزات الإستراتيجية، وذلك عن طريق الوعي السياسي، والتكامل الاقتصادي، والتنمية البشرية. فجعلت هذه العوامل مجتمعة منها واحدة من الدول الأسرع نمواً في العالم، أمام أوضاع مأساوية، تزخر بصورة غير مسبوقة من التهديدات، والتي تتطلب مزيداً من التعامل الفعّال معها؛ من أجل احتوائها، وتغليب مصلحة المنطقتين - العربية والإسلامية - على أية مصالح أخرى، قد تتعارض مع استقرارها، وأمنها الإقليمي.
ثم إن تحصين هذه البلاد من مخاطر الأجندات - الإقليمية والدولية -، وردع الانعكاسات السلبية، هو مضمون الأمن بكل مكوناته - السياسية والاقتصادية والثقافية والمجتمعية -، والذي نتفيأ ظلاله - اليوم -. - ومثله - التأكيد على ترسيخ قاعدة الولاء لمؤسسة الدولة، وتحصين الجبهة من الداخل، - إضافة - إلى إيجاد بيئة آمنة، ومطمئنة - ذات استقرار سياسي -، وهو ما أشارت إليه كلمة خادم الحرمين الشريفين - الملك - عبدالله بن عبدالعزيز في افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة السادسة لمجلس الشورى - قبل أيام -، بأن: «المملكة استطاعت التعامل مع الأزمات الإقليمية غير المسبوقة، والتي شهدتها دول مجاورة، أو قريبة، دفعتها إلى مستنقع الحروب الأهلية، والصراعات الطائفية؛ مما جعل المملكة واحةَ أمان في محيط مضطرب».