| |
استثمار الوقت والمحافظة عليه (1 - 2) عبد الله بن عبد العزيز المعيلي
|
|
يُقال إنه لو أجريت دراسة عن شغل الوقت في المؤسسات الحكومية من بداية الدوام حتى نهايته لخلصت الدراسة إلى نتائج مخجلة مؤسفة، خلاصتها (أننا نضيع الوقت ونهدره) فعلى من تلقى اللائمة؟ هل يلقى اللوم على الموظفين التنفيذيين؟ أم يلقى اللوم على المديرين المسؤولين عن هؤلاء الموظفين؟ الحقيقة التي لا مراء فيها أن هناك قاسماً مشتركاً بين الموظفين ومديريهم يتمثّل في عدم الانضباط الذاتي ناتج عن خلل في إدراك قيمة الوقت والشعور به وإدارته، ولهذا أسبابه التي ليس هذا مجال البحث فيها، المهم أن هناك فئة من العاملين في المؤسسات الحكومية يتعاملون مع الوقت بمنتهى الاستخفاف وعدم المبالاة، على الرغم من أن عبادات المسلم تتم في أوقات منضبطة محددة، وقبول هذه العبادات يتوقف على إتمامها في تلك الأوقات المحددة، وبالتالي مظنة القول إن المسلم يعلم قيمة الوقت والتعامل معه وفق ضوابطه ومحدداته. إن عدم المبالاة بالوقت استثماراً وتعاملاً، يعكس صورة مشوّهة لمعاني الإسلام الجليلة التي تؤكّد على قيمة الوقت والانضباط فيه، فالمسلم يدرك أن الله لم يخلقه عبثاً، ولن يتركه هملاً، يحرص على أن يستثمر كل ثانية في حياته، يتعبد الله فيها بما شرع من عبادات عملية وقولية. إن حياة الإنسان سلسلة متواصلة من الثواني والدقائق والساعات والأيام، وهو عندما يستشعر هذا يدرك أن الله أنعم عليه بنعمة جليلة، ألا وهي الوقت، يغتنمه ويسعى فيه بما يرضي الله، ويحذر كل الحذر من إضاعته أو إهداره فيما لا فائدة منه ولا طائلة، هذا في عموم حياة الإنسان، وتتأكد أهمية الوقت في حياته عندما يتعاقد في جزء من وقته على إنجاز عمل معين، منه يكتسب قوته وقوت من يعول، إن الوقت في عمومه مسؤولية يجب أن يستثمر فيما يرضي الله عزَّ وجلَّ، ويجب على الموظف أن يعلم أن عمله محدد بوقت معين له بداية وله نهاية، وهو مطالب من بداية الدوام حتى نهايته بإنجاز مهمات معينة على أكمل وجه وأتمه، وبأعلى درجة من الكفاية والإنتاجية، لا يفرط بثانية فضلاً عن دقيقة، الوقت هو العمر، كل ثانية تمر منه لا يمكن إعادتها، تبقى مثقلة بما دوّن فيها، إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، هذه الثانية كم يتمنى المفرطون فيها أن يعملوا عملاً خيراً، ويمحوا عملاً فاسداً فلا يستطيعون إلا بالإكثار من الحسنات التي تمحو السيئات، وإن من أحسن الحسنات استثمار أغلى ما في الحياة (الوقت) بما ينفع في الدنيا والآخرة، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يُسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه؟ وعن شبابه فيما أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيما أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل فيه؟) هذه هي حال الإنسان المسلم كل عمره (وقته) حركة وعمل وإنتاج.
Ab.moa@hotmail.com |
|
|
| |
|