| |
الحج موسم العبادة والمساواة د. إبراهيم بن محمد أبو عباة
|
|
يعد موسم الحج من أعظم المناسبات الإسلامية، فهو اجتماع فريد لا مثيل له يلتقي المسلمون خلاله لأداء فريضة الحج؛ الركن الخامس من أركان الإسلام في أفضل البقاع وأقدسها على صعيد واحد في أكبر تجمع إسلامي في أيام مباركة فاضلة يَفِدون من كل حدب وصوب، ويحصل في الحج التعارف والتآلف والتعاطف بين الحجاج، وتتجلى فيه أخوة الإيمان أكثر من أخوة النسب والدم، كما أن ضيوف الرحمن في هذه الأيام يكونون في إقبال على الله وخشوع وإنابة للخالق سبحانه رجاء عفوه ومغفرته ورضوانه، حيث الروحانية وتجلي المعاني الإيمانية الرفيعة. إن من مزايا الحج العظيمة أن حرم الله فيه الرفث والفسوق والجدال، قال جل وعلا: {فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ} ليكون الحج عبادة ائتلاف وحب وتعاون وإخاء تُعظم فيه شعائر الله، قال تعالى: {ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ} «32» سورة الحج. فالحج شعيرة عظيمة مبنية على أسس إسلامية وإيمانية رفيعة راسخة وقوية، فيه تتقوى روابط المسلمين الذين وفدوا من مشارق الأرض ومغاربها يستفيد بعضهم من بعض، وتتقوى فيه روح الألفة والتعاون ليكونوا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص، فتتوحد الكلمة وتتكتل الصفوف، قال تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}، فيجتمع المسلمون فيه على توحيد الكلمة ونبذ الفرقة والشتات والاختلاف؛ فالحج يمثل التجمع الأكبر للمسلمين، فديننا الإسلامي دين وحده، قال تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} «92» سورة الأنبياء، ففي الحج يتساوى الناس، فلا فرق بين جنس وجنس أو لون ولون، لباسهم واحد وشعارهم واحد (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك)، ولا يصح أن يُرفع أي شعار آخر في هذا المكان المقدس وهذا الموسم العظيم غير نداء التلبية الموحد، وحركة الحجيج واحدة، فتراهم يتحركون من مشعر إلى مشعر ومن مكان إلى مكان في وقت واحد تغشاهم السكينة، والاطمئنان في الحج تتجلى كل معاني الوحدة، فاللباس والشعار والتحرك والشعائر كلها واحدة، مما يؤكد حرص الإسلام على الوحدة القائمة على التوحيد، ولهذا فإن على المسلمين أن يخرجوا من مدرسة الحج باستيعاب درس الوحدة والالتزام به بعد عودتهم إلى بلادهم انطلاقاً من قول الحق عزَّ وجلَّ: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}، وقوله: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ}، فالوحدة سبب للعز والنصر والتمكين، والفرقة سبب للفشل والضعف. ومن هنا فإننا نستطيع عن طريق مؤتمر الحج أن نجسد معاني الوحدة الإسلامية، وننطلق من خلاله إلى التضامن الإسلامي الحقيقي لننهض بأمتنا لتكون قوية بالله ثم بوحدتها المتماسكة ليلتئم فيه شتات أمتنا، ولتكون أمة واحدة يرهبها الأعداء. أسأل الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، ويجزي ولاة أمرنا خير الجزاء على ما يقدمونه من جهود عظيمة لخدمة حجاج بيت الله الحرام وتسهيل مهمتهم.. إنه سميع مجيب.
رئيس جهاز الإرشاد والتوجيه بالحرس الوطني
|
|
|
| |
|