| |
حريق في الجوار الإفريقي
|
|
لا يعرف المدى الذي ستتخذه الحرب الصومالية، لكن هناك مخاوف - إن لم نقل قناعة - في أوساط المراقبين بأن الأوضاع تتدهور باتجاه حرب إقليمية واسعة النطاق، ومبعث هذا الاعتقاد أنه بالإضافة إلى اللاعبين الظاهرين في ساحة الحرب وهم جيش الحكومة المؤقتة ومليشيات المحاكم الإسلامية، هناك أيضاً إثيوبيا التي أقرت صراحة باشتراكها في القتال مبررة تدخلها بأنه يأتي من باب الاضطرار، أما الاتهامات بالتدخل فإنها تشمل إريتريا التي يقال إنها تدعم مليشيات المحاكم. والقاسم المشترك بين اللاعبين الأساسيين، وهؤلاء القادمين من الخارج، أنهم جميعاً من دول تعتبر في ذيل قائمة الأكثر فقراً في العالم، أي أنها كلها تحتاج إلى الغذاء والبنيات الأساسية وتفتك بها الأمراض بدءاً من سوء التغذية ونهاية بالإيدز، لكنها تجد نفسها وسط معمعة حرب يبدو أنها ستكون ضروساً، فالبيئة الفقيرة التي تحتضن هذا القتال ستخضعه لمقوماتها المجدبة، ما يعني أننا أمام حرب طويلة وصراع مرير، يجري ببطء ويحصد الأنفس سريعاً لأنه يزيد من معاناة الناس ويحرمهم من القليل من الإمكانات التي كانت متاحة بالفعل. والمصاعب في الصومال تشمل بالإضافة إلى ذلك الفيضانات التي تجتاح الكثير من أنحاء البلاد، ما يعني أننا أمام كارثة متعددة الأوجه والمسارات، وأن الدخول إلى المشكلة الصومالية وفكفكتها يحتاج إلى إخصائيين في عدة مجالات، ومن ثم فإن من الأوفق إحباط احتمالات التصعيد قبل الوقوف على معضلة يصعب علاجها في نهاية الأمر. وبينما تدور المعارك الشرسة، التي بات يقودها في الساعات الأخيرة الطيران الإثيوبي مبتدراً معركة العاصمة مقديشو التي تسيطر عليها مليشيات المحاكم، فإن المناشدات الدولية ترتفع مطالبة بالعودة إلى مائدة المفاوضات، وبالفعل هناك ملفات مفتوحة للتسوية منها بشكل خاص تلك التي تتولاها العاصمة السودانية الخرطوم التي شهدت قبل عدة أشهر اجتماعاً غير موفق للفرقاء الصوماليين مع وعود باستئناف المفاوضات، وذلك ضمن جهود تقودها الجامعة العربية. الإفرازات الوخيمة لما يجري والظروف بالغة الصعوبة للجموع البشرية التي تشكل الوقود الفعلي لهذه الحرب، تحتم تنشيط المبادرات السليمة من خلال عملية متعددة المسارات بسبب الطبيعة الإقليمية للصراع، ما يحتم تنوع المبادرات وتعددها، وبسبب موقع الإقليم الذي تدور فيه الحرب والمعروف باسم القرن الإفريقي الذي يجاور منطقتنا العربية شرقاً وغرباً فإن دوراً عربياً نشطاً يبدو مهماً، وقد يستفيد مثل هذا الدور من ملفات التعاون العربي الإفريقي المهملة، والتي تستلزم نفض الغبار عنها، حيث إن الإفرازات تشمل المأساة الانسانية البادية للعيان حتى قبل ان تنطلق أولى رصاصات الحرب.
|
|
|
| |
|