| |
يوم في ضيافة مدرسة أبها النموذجية محمد إبراهيم فايع/ خميس مشيط
|
|
كنت على موعد مع زملاء العمل التربوي لزيارة مدرسة أبها النموذجية في إطار نشاط تبادل الزيارات، هذا الأسلوب الذي لم يقدم المعلمون على أسلوب فرطوا فيه كندمهم على التفريط فيه سواء على صعيد المدرسة أو بين مجموعة من المدارس. التقيت والزملاء وسرنا في صباح أنسامه باردة دفأها حوار حول العمل وهمومه، ونحن في الطريق إلى حي الخالدية بأبها، حيث تقع المدرسة في مبنى رائع، وقد ضمنت أعداد طلابها وأنا أرى زحام السيارات أمام بوابتها لإنزال الطلاب الذين يزيدون على الـ500 طالب، وقد عرفت لاحقاً أنهم يناهزون هذا العدد بنصف المئة. دلفنا مع بوابة المدرسة وهناك كان مديرها الوجه الباسم والقائد التربوي الرائع الأستاذ سعيد بن محمد العكاسي ومعه زملاؤه في استقبالنا واستراحة قصيرة لنذهب بعدها إلى الاصطفاف الصباحي، كان كل شيء فيه رائع الحركات الرياضية، حضر جميع المعلمين، النظام، الإذاعة التي قدمها طلاب الصف الثاني، فزادوا من روعة الجو وجمال الطقس وأجواء المدرسة.. بعد ذلك كان لقاء حميمياً مع مدير المدرسة ليلقي في عجالة إيضاحاً جميلاً عن ولادة المدرسة، وقد كانت بداية على شكل مقترح مقدم من سعادة وكيل الوزارة حينما كانت تسمى (المعارف) للشؤون التعليمية في 12-9-1394هـ لإنشاء مركز تربوي في عسير ممثلاً بهذه المدرسة، عندها صدر قرار وزير المعارف، وأحسب هذا تم في عهد وزيرها حسن آل الشيخ في 16-9-1394هـ ليتم افتتاح المدرسة النموذجية الابتدائية في 5-10-1394هـ، وقد مرت المدرسة - كما علمت - بمراحل من التطور منذ أن طرحت فكرة الأخذ بطريقة دالتون في التعليم ثم تطبيق نظام القاعات والمعامل لإيجاد بيئة مدرسية تعين الطالب على تحقيق أجود أنواع التحصيل الذاتي، ولم تستمر في الأخذ بطريقة دالتون لزيادة أعداد الطلاب لرغبة أولياء الأمور إلحاق أولادهم بالمدرسة، ولكنها استمرت في رسالتها بعد استقلالها بمبنى لها في عام 1419هـ لتكون بعد ذلك العام وتحديداً في 9-10-1420هـ على موعد لزيارة كريمة من سمو أمير المنطقة الذي طرح فيها مشروعه في أهمية الالتزام بالفصحى تحدثاً وكتابة ومتابعة هذا المشروع في المدرسة من قبل المعنيين ليتم تطبيقه على مدارس منطقة عسير. لقد وفرت لنا زيارة المدرسة ولزملائي من المشرفين التربويين للصفوف الأولية ومعلميها الاطلاع على جهود جبارة جعلتني أشعر بتفاؤل بأنه بالإمكان - ومتى ما صدقت الجهود - أن تجعل من كل مدارسنا مدارس أنموذجية تضاهي أو تقترب - على الأقل - مما لمسته في مدرسة أبها النموذجية، وقد دهشت عندما لمست حجم الشراكة التربوية بين المدرسة وأولياء أمور الطلاب الذين مدّوا جسور التواصل مع هذه المدرسة التي هي بدورها قدرّت ووفّت لهم وبهم نظير ذلك التواصل، وسررت عندما دلفت إلى الورشة التربوية التي هدفت إلى تنمية خبرات المعلمين وإيجاد بيئة تعليمية راقية لتساعد في إنتاج وتصميم برامج التعلم لطلاب المدرسة، وشعرت بالانبساط وأنا ألمس ذلك التواصل والتعاون بين بعض القطاع الخاص والمدرسة في صورة أحيت عندي الأمل حول موضوع أرقني، وهو حدوث هوة بين المدرسة ورسالتها في الانفتاح على المجتمع وتفاعل هذا المجتمع بكامل مكوناته معها إيماناً برسالتها وقناعة بدورها.. وفي هذا الشأن وغير بعيد شاهدت ذلك الركن الجميل المزود بالجلسة العربية والشاي والقهوة، وعند سؤالي عند ذُكر لي أنه خصص لأولياء أمور الطلاب حينما يأتون لأخذ أبنائهم في الظهيرة، فهو ركن استراحة لهم قبيل خروج أبنائهم من الحصة الأخيرة، وقد اقترحت على محدثي أن يزود بمكتبة بسيطة لتكون لهم زاد معرفة وتسلية، وإلى قريب من هذا الركن ذكر مدير المدرسة أن هذا المكان الملاصق له خصص للطلاب الذين يخرجون من الحصة الأخيرة ولمّا يصل آباؤهم، فهم يجلسون فيه ليشاهدوا قناة المجد للصغار لحين مجيء من يعيدهم إلى منازلهم.. هاتان تجربتان مثيرتان نتمنى أن تعمم، ومما سرني عندما أحسست بتلك الخطوات الجريئة في تدريس الحاسب الآلي من الصف الأول وتدريس اللغة الإنجليزية في معملين خاصين لطلاب الأولية والعليا من الصف الثاني، وقد أستعين ببرامج من الإنترنت وأحسست بقيمة التعلم حينما شاهدت الطلاب وهم يتنقلون بين قاعات معلميهم، ودهشت من قاعة خصصت للكشافة، وقد زودت بما يلزم هذا النشاط ليعطيه معنى، وكانت أغلب قاعات المعلمين مزودة بأجهزة العارض (الدات شو) بجهود ذاتية من معلمي المدرسة، ووقفت على جهود رائعة للمرشد الطلابي الذي نجح في تعميق التواصل المستمر مع أسر الطلاب واطلاعهم على مستوياتهم وسلوكياتهم وفق آليات دقيقة وواضحة.. وفي قاعة الموهوبين شاهدت الإبداع في حديثهم وهو يبرق في أعينهم عندما كانوا يتحدثون بثقة عن أساليب حل المشكلات عن طريق الإبداع، ولم كن لأنسى الحديث عن فصل وضع في حديقة المدرسة مزود بسبورة محمولة على عجلات لكي يكون فصلاً إبداعياً مغايراً لما تعود عليه الطلاب فهو بلا جدران.. بلا نوافذ، وقد علمت أن المدرسة حظيت بزيارة السفير الأمريكي عام 2005م وشرفت بزيارة معالي وزير التربية والتعليم في عام 1426هـ أثناء لقاء الإشراف التربوي الحادي عشر الذي عقد بأبها وزارها ضيوف الملتقى من مختلف مناطق المملكة من القيادات الإشرافية من تعليم البنين والبنات على هامش اللقاء. وفي ختام الزيارة للمدرسة لم أكن لأقوى على حبس مشاعر فاضت بها تعابيري لأقول للزملاء، ونحن تحت قبة الورشة التربوية: لم تكن لهذه الجهود أن تبرز أو لهذه البيئة أن تظهر لولا توفيق الله ثم تضافر جهود الزملاء بالمدرسة وقيادة واعية لمدير المدرسة الذي نجح في التحفيز على العطاء، فكانوا مبدعين رائعين مدهشين.. نتمنى لهم متابعة المسير خدمة للوطن وأبنائه وأن تنعكس هذه الجهود على مخرجاتهم وهو بيت القصيد.
faya11@hotmail.com |
|
|
| |
|