Al Jazirah NewsPaper Tuesday  19/12/2006G Issue 12500مقـالاتالثلاثاء 28 ذو القعدة 1427 هـ  19 ديسمبر2006 م   العدد  12500
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

القوى العاملة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

شيء من
لبنان سيبقى!
محمد عبداللطيف آل الشيخ

أنا من جيلٍ كان لبنان له مُعلماً -بضم الميم- ومَعلَماً- بفتح الميم- حضارياً، تعيش في داخلي وفي تاريخي منه وله الكثير من الذكريات العطرة الباذخة الجميلة. تلك البقعة من الأرض ساهمت في تعليم جيلي الذي انتمي إليه عشق الجمال، وعلمتنا الانفتاح على العالم، والتعامل مع الثقافة المتعددة الرؤى والمشارب والتوجهات، وكنا قبل لبنان نعيش ثقافة (أحادية)، لا ترى إلا ذاتها، وتتقوقع على نفسها. كان أبناء جيلي قد تعودوا على إلقاء رحالهم في لبنان بحثاً عن كل ما هو جميل، قبل أن تجتاحنا ريح (التزمت) الصحوي العاتية. آنذاك كان لبنان لنا - بالفعل- مروحة جميلة، نهرب من سياط شمس صحارينا الحارقة إليه كل صيف، فنجد ثمة (الظل الظليلا)، كما كان يقول نزار قباني.
غاب لبنان قرابة عقدين من الزمن عن الحضور والفعل الحضاري، بعد أن اشتعلت فيه الحرب الأهلية. بحثنا عن بديلٍ للبنان، شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، فلم نجد. عاد لبنان، فعدنا إليه في شوق ولهفة، نبحث عن ذكرياتنا الجميلة، ونفتش في ساحله وسهله وجبله عن تلك اللحظات المترعة الجمال التي عشناها فيه.. لبنان كان الرئة التي من خلالها يتنفس أبناء المنطقة الحرية؛ ففيه كان يُمارس الإنسان استنشاق الأكسجين النقي بكلتا رئتيه، حيث لا وصاية لأحد على أحد، ولا رقابة لأحد على أحد؛ وحيث كان (حديقة معارف) بكل ما تعنيه الكلمة من معنى؛ فالحرية في لبنان (صبية) عذبة المحيا، تلقاك في كل زاوية.
وأتذكر أنني بعد أن عدت إلى لبنان، بعيد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها، وتحديداً عام 92م، بعد انقطاع قارب العشرين عاماً، وجدت أن الحرب آنذاك قد أنهكت كل مفاصلها، ونخرت كل معالمها، ولم يسلم منها، ومن خرابها، ومن تشوهاتها جزء من هذا البلد الباذخ الجمال. كنت أتساءل: كيف سيستعيد اللبنانيون لبنان التي عرفناها، وعشقناها، وعلمتنا أسس وأبجديات التحضر؛ وأي إرادةٍ تلك التي سوف تتصدى للدمار والخراب، فتعيد للبنان وجهه المضيء الذي عرفناه؟.. غير أن شغف اللبناني بالحياة، وحبه للجمال، وعشقه للتميز، وهوسه بالأناقة، أعاد لبنان، وإنسان لبنان، إلى الحياة من جديد. عاد لبنان وعدنا إليه، فأصبحت (بيروت) و(جونيه) مهوى أفئدة العاشقين، ومعقل السحر الحلال، مرة أخرى؟
ولبنان اليوم، وبفعل ممارسات بعض مؤدلجيه، والمتاجرين بالسياسة فيه، ومزايداتهم، ومماحكاتهم، يكاد يعود إلى الحرب الأهلية؛ فها هي أجواؤها ومناخاتها البغيضة تكاد تعصف بالسلم الأهلي والأمن والاستقرار. ومن يسمع هذه التجاذبات، وهذا الشحن الطائفي، وهذا التقاذف بين الفرقاء المتنافسين، والمناخات المحتقنة، يشعر أن اللبنانيين (بالفعل) لم يتعلموا كثيراً من تجربة الحرب الأهلية، وأن ما بنته سواعدهم بعد الحرب، على مستوى البشر والحجر، عادوا ليضعوه مرة أخرى على فوهة بركان، يكاد ينفجر في أي لحظة.
أعرف أن السياسة هي السبب، وأن الساسة هم -دائماً- مشعلو الأزمات والحروب، وأن شباب وصبايا لبنان من الطرفين، الموالاة أو المعارضة، هم وقود هذه الحروب، وليس ذلك (السياسي) الذي يقبع في حصن حصين لا يصل إليه أحد، على الرغم من أنه المستفيد، إن كان ثمة مستفيد، وهو الذي يقبض الثمن في نهاية المطاف، ان كان ثمة صفقة وثمن وقبض.
من يعشق لبنان، ومن نشأ وترعرع على حب بيروت، وبحر بيروت، وسحر أهلها، وعذوبة مائها، ورقيق نسماتها، فعشقها حتى العظم (كمُحدثكم)، يكادُ يعتصر خوفاً وهلعاً على (ست الدنيا)، وهو يرى هؤلاء المتاجرين السياسيين، سواء من الموالاة أو المعارضة: يسوقونها إلى المذبح من جديد.
يقول نزار:
(اصفحي، سيدتي بيروت عنا
نحنُ لم نهجركِ مختارين.. لكنا قرفنا..
من مراحيض السياسة..
ومللنا من ملوك السيرك.. والسيرك.. وغش اللاعبين
وكفرنا بالدكاكين التي تملأ أرجاء المدينة..
وتبيع الناس حقداً وضغينة..
وبطاطين.. وسجاداً.. وبنزيناً مهرَب..
آه يا سيدتي كم نتعذب..
عندما نقرأ أن الشمس في بيروت
صارت كرة في أرجل المرتزقين..).
وما أشبه ليلة نزار التي كان يتحدث عنها في قصيدته بليلتنا!



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved